Jumaat, 9 September 2011

لب الأصول للتاج السبكي

Di bawah adalah sebuah kitab usul fiqh karangan SyaykhulIslam Zakariyya al-Ansari. Ia adalah ringkasan dari Jam'ul Jawami' karangan al-Imam al-Taj al-Subki. kitab asal -  seperti yang dinyatakan sendiri oleh pengarang (al-Subki) diambil dari dua ratus lebih kitab usul fiqh karangan ulama terdahulu. Kitab ringkasan ini dimasukkan sebagai muqarrar di DUAH untuk pelajar thn 4 dan 5. Sengaja dipilih ringkasan dan bukan kitab asal kerana syaykh zakariyya (seperti biasa di dalam ringkasan-ringkasan kitab yang biasa beliau buat) telah menggugurkan Qaul muqabil bagi qaul asah, ini tentunya memudahkan pengajaran ilmu ini bagi pelajar permulaan. (kitab ini kitab kedua di dalam ilmu usul fiqh, menurut ulama yang arif tentang pembelajaran, pelajar patutnya dijauhkan dari "qil" dan "qal" buat permulaan asas satu-satu ilmu. Segaja dipublishkan disini untuk sesiapa yang inginkan kitab ini bukan untuk tujuan perdagangan. Dipohonkan dari sesiapa yang beristifadah dengab posting ini mendoakan sesiap yang terlibat ..... Amin,


<!—- more -->




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وَفَّقَنَا للوصول إلى معرفة الأصول، ويَسَّرَ لَنَا سلوكَ مناهِجَ بقوّةٍ أَوْدَعَها في العقول، والصلاة والسلام على محمد، وآله وصحبه الفائزين من الله بالقبول.
وبعد، فهذا مختصر في الأصلين وما معهما، اختصرت فيه جمع الجوامع للعلامة التاج السبكي رحمه الله، وأبدلْتُ منه غيرَ المعتمَدِ والواضح بهما، مع زياداتٍ حسنةٍ. ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ "عندنا"، وغيرِهِمْ بالأصح غالبًا، وسَمَّيْتُهُ: (لُبّ الأصول) راجيًا من الله القبول، وأسأله النفع به، فإنه خير مأمول.
وينحصر مقصوده في مقدمات وسبعة كتب.
[المقدّمات]
أصول الفقه: أدلة الفقه الإجمالية، وطرق استفادة جزئيّاتها، وحال مستفيدها. وقيل: معرفتها. والفقه: علم بحكم شرعي عملي، مكتسب من دليل تفصيلي.
والحكم: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف اقتضاء أو تخييرًا، أو بأعمّ وضعًا، وهو الوارد سببًا وشرطًا ومانعًا وصحيحًا وفاسدًا.

فلا يدرك حكم إلا من الله، وعندنا أن الحسن والقبح بمعنى ترتب الذم حالاً والعقاب مآلاً شرعيان، وأن شكر المنعم واجب بالشرع، وأنه لا حكم قبله، بل الأمر موقوف إلى وروده. والأصح امتناع تكليف الغافل والملجأ، لا المكره
ويتعلق الخطاب عندنا بالمعدوم تَعَلُّقَا مَعْنَوِيًّا؛ فإن اقتضى فعلاً غَيْرَ كَفٍّ اقتضاءً جازمًا؛ فإيجاب، أو غير جازم؛ فندب، أو كفًّا جازمًا؛ فتحريم، أو غير جازم: بنهي مقصود؛ فكراهة، أو بغير مقصود؛ فخلاف الأولى، أو خُيِّر؛ فإباحة، وعرفت حدودها.
والأصح: ترادف الفرض والواجب، كالمندوب والمستحب والتطوع والسنة، والخلف لفظي، وأنه لا يجب إتمامه. ووجب في النسك؛ لأنه كفرضه نِيَّةً وغيرَها.
والسبب: وصْف ظاهر منضبط معرف للحكم.
والشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم.
المانع: وصْف وجودي ظاهر منضبط، معرِّف نقيض الحكم، كالقتل في الإرث.
والصحة: موافقة ذي الوجهين الشرع في الأصح، وبصحة العبادة: إجزاؤها، أي كفايتها في سقوط التعبد في الأصح، وغيرها: ترتب أثره، ويختص الإجزاء بالمطلوب في الأصح.
ويقابلها البطلان، وهو الفساد في الأصحّ، والخلف لفظي.
والأصح أنّ الأداء: فعْل العبادة أو ركعة في وقتها، وهو زمن مقدّر لها شرعًا، وأن القضاء: فعْلها أو إلا دون ركعة بعد وقتها تدراكًا لما سبق لفعله مقتضٍ، وأن الإعادة: فعْلها وقْتَها ثانيًا مطلقًا
والحكم: إن تَغَيَّر إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي؛ فرخصة: واجبة ومندوبة ومباحة وخلاف الأولى، كأكْل ميتة وقصر بشرطه وسَلَم وفطْرِ مسافِرٍ لا يضّره الصوم، وإلا فعزيمة.
والدليل: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. والعلم عندنا عقبه مكتسب في الأصح. والحد: ما يُمَيِّز الشيء عن غيره ويقال: الجامع المانع والمطرد المنعكس.
والكلام في الأزل يسمى خِطَابًا، ويتنوع في الأصح .
والنظر: فكْر يُؤدِّيْ إلى علْم أو اعتقاد أو ظنّ. والإدراك بلا حكم: تصورّ، وبه: تصوُّرٌ بتصديق، وهو الحكم.
وجازمه: إن لم يقبل تغيُّرًا؛ فعلْم، وإلا فاعتقاد: صحيح إن طابق، وإلا ففاسد، وغير الجازم: ظن ووهم وشك؛ لأنه راجح أو مرجوح أو مُسَاوٍ.
فالعلم: حكم جازم لا يقبل تَغَيُّرًا، فهو نظَرِيّ يُحَدُّ في الأصح. قال المحققون: ولا يتفاوت إلا بكثرة المتعلقات.
والجهل: انتفاء العلْم بالمقصود في الأصح، والسهو: الغفلة عن المعلوم.
[مسألة]
الأصح أن الحَسَنُ: ما يُمْدَح عليه، والقبيح: ما يُذَمُّ عليه فما لا ولا: وَاسِطَةٌ، وأن جائز الترك ليس بواجب، والخلف لفظي، وأنّ المندوب مأمور به، وأنه ليس مكلفًا به كالمكروه، بناءً على أن التكليف: إلزام ما فيه كلفة، لا طلبه.
وأن المباح ليس بجنس للواجب، وأنه في ذاته غير مأمور به، وأن الإباحة حكم شرعي، والخلف لفظي، وأن الوجوب إذا نسخ بقى الجواز، وهو عَدَمُ الحرج في الأصح.
[مسألة]
الأمر بأحد أشياء يوجبه مُبْهَمًا عندنا. فإن فعَلها؛ فالمختار: إن فعَلها مُرَتَّبَة؛ فالواجب أولها، أو مَعًا؛ فأعلاها، وإن تركها؛ عوقب بأدناها.
ويجوز تحريمُ واحِدٍ مُبْهَمٍ عندنا كالْمُخَيَّر.
[مسألة]
فرْضُ الكفاية: مُهِمٌّ يُقْصَد جزمًا حصوله من غير نظر بالذات لفاعله، والأصح: أنه دون فرْض العين، وأنه على الكل، ويسقط بفعل البعض، وأنه لا يتعين بالشروع إلا جهادًا وصلاةَ جنازةٍ وحَجًّا وعُمْرَةً، وسنتها كفرضها بإبدالِ ‘جَزْمًا’ بِضِدِّهِ.
[مسألة]
الأصح: أنَّ وقْت المكتوبة جوازًا وقت لأدائها، وأنه يجب على المؤخِّر العزم، ومَنْ أخَّر مع ظَنِّ فوته عصى، وأنه إن بان خلافه وفَعَلَه؛ فأداء، وأن مَنْ أخَّر مع ظن خلافه؛ لم يعص، بخلاف ما وقته العمر كَحَجٍّ.
[مسألة]
المقدور الذي لا يتم الواجب المطلق إلا به واجب في الأصح، فلو تعذَّر ترْك مُحَرَّم إلا بترْك غيره؛ وجب، أو اشتبهت حليلة بأجنبية؛ حرُمَتَا، كما لو طلّق معيَّنة ثم نَسِيَها.
[مسألة]
مطلق الأمر لا يتناول المكروه في الأصح، فلا تصح الصلاة في الأوقات المكروهة، ولو كراهةَ تَنْزِيْهٍ في الأصح[1]، فإن كان له جهتان لا لزوم بينهما؛ تَنَاوَلَه قَطْعًا في نهي التنْزيه، وعلى الأصح في التحريم.
فالأصح: صحة الصلاة في مغصوب، وأنه لا يثاب، وأنَّ الخارج من مغصوب تائبًا آتٍ بواجب، وأنَّ الساقط على نحو جريح يقتله أو كفأه يستمرّ.
[مسألة]
الأصح: جواز التكليف بالمحال مطلقًا، ووقوعه بالمحال لِتَعَلُّقِ عِلْمِ اللهِ بِعَدَمِ وُقُوْعِه فقط، وجوازه بما لم يحصل شرطه الشرعي كالكافر بالفروع، ووقوعه.
[مسألة]
لا تكليف إلا بفعل، فالمكلَّف به في النهي: الكف، أي الانتهاء في الأصح، والأصح: أنَّ التكليف يتعلق بالفعل قبل المباشرة بعد دخول وقته إلزامًا، وقبله إعلامًا، وأنه يستمر حال المباشرة.
[مسألة]
الأصح: أن التكليف يصح مَعَ عِلْمِ الآمِرِ فقط انْتِفَاءَ شرط وقوعه عنْد وقته، كأمْر رجل بصوْمِ يَوْمٍ عَلِمَ مَوْتَهُ قَبْلَهُ، وأنه يعلمه المأمور إثر الأمر.
[خاتمة]
الحكم قد يتعلق على الترتيب أو البدل؛ فيحرم الجمع أو يباح أو يسن.
[الكتاب الأول]
في الكتاب ومباحث الأقوال
الكتاب: القرآن، وهو هنا: اللفظُ الْمُنَزَّلُ على محمد صلى الله عليه وسلم، الْمُعْجِزُ بسورة منه، الْمُتَعَبَّدُ بتلاوته، ومنه البسملة أوَّلَ كلِّ سورة في الأصح غير براءة، لا الشاذ في الأصح.
والسبع متواترة، ولو فيما هو من قبيل الأداء، كالمدّ، وتحرم القراءة بالشّاذ.
والأصح: أنه ما وراء العشر، وأنه يجري مجرى الآحاد، وأنه لا يجوز ورود مالا معنى له في الكتاب والسنة، ولا مالا يعنى به غير ظاهره إلا بدليل، وأنه لا يبقى مُجْمَلٌ كُلِّفَ بالعمَلِ به غَيْرَ مُبَيَّنٍ، وأن الأدلة النقلية قد تفيد اليقين بانضمام غيرها.
[المنطوق والمفهوم[2]]
المنطوق: ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق.
وهو إن أفاد ما لا يحتمل غيره كزيد؛ فنص[3]، أو ما يحتمل بدله مرجوحًا كالأسد؛ فظاهر.
ثم إن دل جزؤه على جزء معناه؛ فمركب، و إلا فمفرد.
ودلالته على معناه مطابقةٌ، وعلى جزئه تَضَمُّنٌ، ولازِمِه الذِّهْنِي الْتِزَامٌ. والأوليان لفظيتان، والأخيرة عقلية.
ثم هي إنْ تَوقَّف صدْق لمنطوق أو صحته على إضمار؛ فدلالةُ اقتضاءٍ، و إِلاَّ: فإن دلّ على ما لم يقصده؛ فدلالة إشارة، و إلا؛ فدلالةُ إِيْمَاءٍ.
والمفهوم ما دل عليه اللفظ، لا في محل النطق. فإن وافق المنطوق؛ فموافقة، ولو مساويًا في الأصح، ثم فحوى الخطاب؛ إن كان أولى، ولَحْنه؛ إن كان مساويًا. فالدلالة مفهوميةٌ على الأصح.
وإن خالفه؛ فمخالفة، وشرطه: أن لا يظهر لتخصيص المنطوق بالذكر فائدةٌ غَيْرُ نَفْي حُكْم غَيْرِهِ، كأَنْ خَرَجَ[4] للغالب في الأصح، أو لخوف تهمة، أو لموافقة الواقع، أو سؤال، أو لحادثة، أو لجهل بحكمه، أو عكسه.
ولا يمنع[5] قياس المسكوت بالمنطوق؛ فلا يعمه المعروض. وقيل: يعمه.
وهو صفة كالغنم السائمة وسائمة الغنم، وكالسائمة في الأصح. والمَنْفِيُّ في الأولين معلوفة الغنم على المختار، وفي الثالث معلوفة النعم.
ومنها: العلة والظرف والحال والشرط، وكذا الغاية وتقديم المعمول غالبًا والعدد.
ويُفِيد الحصرَ "إنما" بالكسر في الأصح، وضميرُ الفصل، و"لا" و"إلا" الاستثنائية.
وهو أعلاها، فما قيل منطوق كالغاية و"إنما"، فالشرط، فصفة أخرى مناسبة وغير مناسبة، فالعدد، فتقديم المعمول.
والمفاهيم حجةٌ لغةً في الأصح. وليس منها لقب في الأصح.
[مسألة]
مِنَ الألطاف حدوث الموضوعات اللغوية، وهي أفيد من الإشارة والمثال وأيسر، وهي ألفاظ دالة على معان، وتعرف بالنقل وباستنباط العقل منه.
ومدلول اللفظ: معنى جزئي أو كلي، أو لفظ مفرد أو مركب.
والوَضْعُ: جَعْلُ اللفْظِ دليلَ المعنى، وإن لم يناسبه في الأصح.
واللفظ موضوع للمعنى الذهني على المختار، ولا يجب لكل معنى لفظ، بل لمعنى محتاج للفظ.
والمحكم: الْمُتَّضِحُ المعنى، والمتشابه: غيره[6] في الأصح، وقد يوضحه الله لبعض أصفيائه. واللفظ الشائع لا يجوز وضعه لمعنى خفي على العوام، كقول مثبتي الحال: "الحركة معنى يوجب تحرك الذات".
[مسألة]
المختار: أن اللغات توقيفية، عَلَّمَها اللهُ بالوحي أو بخلق أصوات أو علم ضروري، وأن التوقيف مظنون، وأن اللغة لا تثبت قِيَاسًا فيما في معناه وصف.
[مسألة]
اللفظ والمعنى إن اتحدا: فإن منع تصوّر معناه الشركة؛ فجزئي، وإلا فكلي: متواطئ؛ إن استوى، و إلا فمشكِّك، وإن تعددا؛ فمباين، أو اللفظ فقط؛ فمرادف، وعكسه: إن كان حقيقة فيهما؛ فمشترك، وإلا فحقيقة ومجاز.
والعلم: ما عُيِّنَ مُسَمَّاهُ بوضع؛ فإن كان تعيينه خَارِجِيًّا؛ فعلم شخصي، وإلا فعلم جنس.
[مسألة]
الاشتقاق: رَدُّ لَفْظٍ إلى آخر لمناسبة بينهما في المعنى والحروف الأصلية، وقدْ يَطَّرِدُ كاسم الفاعل، وقد يختص كالقارورة، ومن لم يقم به وصف؛ لم يُشْتَقَّ له منه اسم عندنا، فإن قام به ماله اسم؛ وجب، وإلا لم يجز.
والأصل أنه يُشْتَرَطُ بقاء المشتق منه في كون المشتق حقيقة إن أمكن، وإِلاَّ فآخرُ جزْءٍ، فاسم الفاعل حقيقة في حال التلبُّس، لا النطق، ولا إشعار للمشتق بخصوصية الذات.
[مسألة]
الأصح: أن المرادف واقع، وأن الحد والمحدود ونحو "حسن بسن" ليسا منه، والتابع يفيد التقوية، وأن كُلاًّ من المرادفين يقع مكان الآخر.
[مسألة]
الأصح: أن المشترك واقع مجازًا، وأنه يصح لغةً إطلاقُه على مَعْنَيَيْهِ مَعًا مجازًا، وأنَّ جَمْعه بإعتبارهما مبني عليه، وأن ذلك آتٍ في الحقيقة والمجاز، وفي المجازين، فنحو "افعلوا الخير" يعم الواجب والمندوب.
الحقيقة: لَفْظٌ مستعمَلٌ فيما وضع له أَوَّلاً، وهي لغوية وعرفية – ووقعتا – وشرعية، والمختار: وقوع الفرعية منهما، لا الدينية.
والمجاز: لفْظٌ مستعمَلٌ بِوَضْعٍ ثَانٍ لعلاقة، فيجب سبق الوضع جَزْمًا، لا الاستعمال في الأصح، وهو واقع في الأصح.
ويُعْدَلُ إليه لـ:
ثقل الحقيقة أو بشاعتها أو جهلها أو بلاغته أو شهرته أو غير ذلك، والأصح أنه ليس غالبًا على الحقيقة، ولا معتمدًا حيث تستحيل.
وهو والنقل خلاف الأصل وأولى من الاشتراك، والتخصيص أولى منهما، والأصح أن الإضمار أولى من النقل، وأن المجاز مُسَاوٍٍ للإضمار.
ويكون بـ:
شكل[7] وصفة ظاهرة، واعتبار ما يكون قطعًا أو ظنًا، ومضادة ومجاورة، وزيادة ونقص، وسبب لمسبب، وكل لبعض، ومتعلق لمتعلق، والعكوس[8]، وما بالفعل على ما بالقوّة[9].
والأصح: أنه يكون في الإسناد والمشتق والحرف، لا العلَم، وأنه يُشترط سمْع في نوعه.
ويعرف بـ:
تَبَادُرِ غَيْرِهِ لولا القرينة، وصحة النفي، وعدم لزوم الاطراد، وجمْعه على خلاف جمع الحقيقة، والتزام تقييده، وتوقفه على المسمى الآخر، والإطلاق على المستحيل.
[مسألة]
المعرب: لفظٌ غيرُ عَلَمٍ استعملته العربُ فيما وضع له في غير لغتهم، والأصح أنه ليس في القرآن.
[مسألة]
اللفظ حقيقة أو مجاز، أو هما باعتبارين، وهما منتفيان قبل الاستعمال، ثم هو محمول على عرف المخاطب[10]؛ ففي الشرع الشرعي، فالعرفي، فاللغوي في الأصح.
والأصح: انه إذا تعارض مجاز راجح وحقيقة مرجوحة؛ تساويا، وأن ثبوت حكم يمكن كونه مرادًا من خطاب – لكن مجازًا –  لا يدل على أنه المراد منه، فيبقى الخطاب على حقيقته.
[مسألة]
اللفظ إن استعمل في معناه الحقيقي للانتقال إلى لازمه؛ فكناية، فهي حقيقة، أو مطلقًا للتلويح بغير معناه؛ فتعريض، فهو حقيقة ومجاز وكناية.
[الحروف]
(إذن) للجواب والجزاء. قيل: دائمًا. وقيل: غالبًا.
و(إن) للشرط وللنفي وللتوكيد.
و(أو) للشك أو للإبهام أو للتخيير، ولمطلق الجمع و للتقسيم، وبمعنى إلى وللإضراب.
و(أي) بالفتح والتخفيف: للتفسير ولنداء البعيد في الأصح، وبالتشديد للشرط وللاستفهام، وموصولة، ودالة على كمال، ووصلة لنداء ما فيه أل.
و(إذ) للماضي ظرفًا ومفعولاً به وبدلاً منه، ومضافًا إليها اسم زمان، وكذا للمستقبل، وللتعليل حرفًا، وللمفاجأة كذلك في الأصح.
و(إذا) للمفاجأة حرفًا في الأصح، وللمستقبل ظرفًا مضمنة معنى الشرط غالبًا[11]، وللماضي والحال نادرًا.
و(الباء) للإلصاق حقيقةً ومجازًا، وللتعدية وللسببية وللمصاحبة، وللظرفية وللبدلية وللمقابلة، وللمجاوزة وللاستعلاء وللقسم، وللغاية وللتوكيد، وكذا للتبعيض في الأصح.
و(بل) للعطف بإضراب، وللإضراب فقط؛ إما للإبطال، أو للانتقال من غرض إلى آخر.
و(بَيْدَ) بمعنى غير، وبمعنى من أجل، ومنه “بيد أني من قريش” في الأصح.
و(ثم) حرف عطف للتشريك والمهلة والترتيب في الأصح.
و(حتى) لانتهاء الغاية غالبًا، وللاستثناء نادرًا، وللتعليل.
و(ربّ) حرْفٌ في الأصح للتكثير وللتقليل، ولا تختص بأحدهما في الأصح. وعلى الأصح: أنها قد تَرِدُ اسمًا بمعنى فوق، وحرْفًا للعلو وللمصاحبة وللمجاوزة، وللتعليل وللظرفية وللاستدراك وللتوكيد، وبمعى الباء ومِنْ. وأما ‘علا يعلو’؛ ففعل.
و(الفاء العاطفة) للترتيب وللتعقيب وللسببية.
و(في) للظرفية وللمصاحبة وللتعليل، وللعلو وللتوكيد وللتعويض، وبمعنى الباء وإلى وِمنْ.
و(كي) للتعليل، وبمعنى أن المصدرية.
و(كل) اسم لاستغراق أفراد الْمُنَكَّر، والمعرَّف المجموع، وأجزاء المعرَّف المفرد.
و(اللام الجارة) للتعليل وللاستحقاق وللاختصاص وللملك، وللصيرورة وللتمليك وشبهه ولتوكيد النفي، وللتعدية وللتوكيد، وبمعنى إلى وعلى وفي وعند وبعد ومِنْ وعَنْ.
و(لولا) حرف؛ معناه في الجملة الاسمية: امتناع جوابه لوجود شرطه، وفي المضارعية: التخضيض والعرض، والماضية: التوبيخ، ولا ترد للنفي ولا للاستفهام في الأصح.
و(لو) شرط للماضي كثيرًا. ثم قيل: هي لمجرد الربط، والأصح: أنها لانتفاء جوابها بانتفاء شرطها خارجًا، وقد ترد لعكسه عِلْمًا.
ولإثبات جوابها؛ إن ناسب انتفاء شرطها بالأولى، كـ “لو لم يخف؛ لم يعص”، أو المساوي، كـ “لو لم تكن ربيبة؛ ما حلت للرضاع”، أو الأدون، كـ “لو انتفت أخوّة الرضاع؛ ما حلت للنسب”، وللتمني وللتحضيض وللعرض وللتعليل، نحو: “ولو بظلف محرق” ومصدرية.
و(لن) حَرْفُ نَفْيٍ ونصبٍ واستقبالٍ، والأصح أنها لا تفيد توكيد النفي ولا تأبيده، وأنها للدعاء.
و(ما) ترد اسمًا موصولة، أو نكرة موصوفة، وتامة: تعجبية وتمييزية ومبالغية، واستفهامية وشرطية زمانية وغير زمانية.
وحرفًا مصدرية لذلك، ونافية، وزائدة: كافة وغير كافة.
و(مِنْ) لابتداء الغاية غالبًا، ولانتهائها وللتبعيض وللتبيين، وللتعليل وللبدل ولتنصيص العموم ولتوكيده، وللفصل وبمعنى الباء وعَنْ وفِيْ وعِنْدَ وعَلٰى.
و(من) موصولة، أو نكرة موصوفة، وتامة: شرطية واستفهامية وتمييزية.
و(هل) لطَلَبِ التصديقِ كثيرًا، والتصوّرِ قليلاً.
و(الواو العاطفة) لمطلق الجمع في الأصح.
[الأمر]
(أ م ر) حقيقة في القول المخصوص، مجاز في الفعل في الأصح. والنفسي: اقتضاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ، مدلولٍ عليه بِغَيْرِ نَحْوِ “كُفَّ”، ولا يُعتبَر في الأمر عُلُوٌّ ولا اسْتِعْلاَءٌ ولا إرادةُ الطلَب في الأصح، والطلَب بديهي، والنفسي غير الارادة عندنا.
[مسألة]
الأصح: أن صيغة “اِفْعَلْ” مختصة بالأمر النفسي. وترد لـ:
الوجوب وللندب وللإباحة وللتهديد، وللإرشاد ولإرادة الامتثال وللإذن وللتأديب، وللإنذار وللامتنان وللإكرام، وللتسخير وللتكوين وللتعجيز، وللإهانة وللتسوية وللدعاء، وللتمني وللاحتقار وللخبر، وللإنعام وللتفويض وللتعجب، وللتكذيب وللمشورة وللاعتبار.
والأصح أنها حقيقة في الوجوب لغةً على الأصح، وأنه يجب اعتقاد الوجوب بها قبل البحث، وأنها إن وردت بعد حظر أو استئذان؛ فللإباحة، وأن صيغة النهي بَعْدَ وجوْبٍ للتحريم.
[مسألة]
الأصح أنها لِطلَبِ الماهية، والمرّة ضرورية، وأن المبادر ممتثل.
[مسألة]
الأصح أن الأمر لا يستلزم القضاء، بل يجب بأمر جديد، وأن الإتيان بالمأمور به يستلزم الإجزاء، وأن الأمر بالأمر بشيء ليس أمرًا به، وأن الآمر بلفظ يصلح له غَيْرُ دَاخِلٍ فيه، ويجوز عندنا عقلاً النيابةُ في العبادة البدنية.
[مسألة]
المختار: أن الأمر النفسي بِمُعَيَّنٍ ليس نهيًا عن ضده ولا يستلزمه، وأن النهي كالأمر.
[مسألة]
الأمران إن لم يتعاقبـا، أو تعاقبا بغير متماثلين؛ فغيران، وكذا بمتماثلين –  ولا مانع من التكرار – في الأصح، فإن كان مانع عادي، وعارضه عطف؛ فالوقف، وإلا فالثاني تأكيد.
[مسألة]
النهي: اقتضاءُ كفٍّ عن فِعْلٍ لا بِنَحْوِ “كُفَّ” وقضيته الدوام مالم يقيد بغيره في الأصح. وترد صيغته لـ:
التحريم وللكراهة وللارشاد وللدعاء، ولبيان العاقبة وللتقليل وللاحتقار ولليأس. وفي الارادة والتحريم مافي الأمر.
وقد يكون عن واحد، ومتعدِدٍ جمعًا، كالحرام المُخَيَّر، وفَرْقًا كالنعلين؛ تَلْبَسَانِ أو تُنْزَعَانِ، ولا يفرق بينهما، وجميعًا كالزنا والسرقة.
والأصح أن مطلق النهي – ولو تَنْزيهًا – للفساد شرعًا في المنهي عنه؛ إن رجع النهي إليه، أو إلى جزئه، أو لازمه، أو جهل مرجعه. أما نفي القبول؛ فقيل: دليل الصحة. وقيل: الفسادِ.
ومثله نفي الإجزاء، وقيل: أولى بالفساد.
[العام:]
لفظ يستغرق الصالِحَ له بلا حصر. والأصح: دخول النادرة وغير المقصودة فيه، وأنه قد يكون مجازًا، وأنه من عوارض الألفاظ فقط، ويقال للمعنى أعم، وللفظ عام.
ومدلوله: كلية، أي محكوم فيه على كل فرد مطابقةً إثباتًا أو سلبًا. ودلالته على أصل المعنى قطعيةٌ، وعلى كل فرد ظنية في الأصح.
وعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والأمكنة على المختار.
[مسألة]
كُلٌّ والذي والتي وأيّ وما ومتى أين وحيثما ونحوها للعموم حقيقة في الأصح، كالجمع المعرّف باللام أو الإضافة ما لم يتحقق عهد، والمفرد كذلك، والنكرة في سياق النفي للعموم وضعًا في الأصح؛ نصًا إن بُنِيَتْ على الفتح، وظاهرًا؛ إن لم تُبْنَ.
وقد يعم اللفظ عرفًا كالموافقة على قولٍ مَرَّ، ونحو “حرمت عليكم أمهاتكم” أو معنى، كترتيب حكم على وصف كالمخالفة على قول مر، والخلافُ في أن المفهوم لا عموم له لَفْظِيٌّ.
ومعيار العموم الاستثناء، والأصح: أن الجمع المنكَّر ليس بعام، وأن أقل الجمع ثلاثة، وأنه يصدق بالواحد مجازًا، وتعميم عام سيق لغرض ولم يعارضه عام آخر، وتعميم نحو “لا يستوون” و“لا أكلت” و“إن أكلت”.
لا المقتضي والمعطوف على العام والفعل المثبت؛ ولو مع "كان" والمعلق لعلة لفظًا، لكن معنى، وترك الاستفصال يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ العموم.
وأنَّ نحو "يا أيها النبي" لا يشمل الأمة، وأن نحو "ياأيها الناس" يشمل الرسول وإن اقترن بـ "قل"، وأنه يعم العبد، ويشمل الموجودين فقط.
وأن "مَنْ" تشمل النساء، وأن جمع المذكر السالم لا يشملهنّ ظاهرًا.
وأن خطاب الواحد لا يتعدّاه، وأن الخطاب بـ "يا أهل الكتاب" لا يشمل الأمة، ونحو "خذ من أموالهم" يقتضي الأخذ من كل نوع.
[المطلق والمقيد]
المختار: أن المطلق ما دلّ على الماهية بلا قيد، والمطلق والمقيد كالعام والخاص. وأنهما في الأصح:
إن اتحد حكمهما وسببه، وكانا مثبتين: فإن تأخر المقيد عن العمل بالمطلق؛ نسخه، وإلا قيده. وإن كان أحدهما مُثْبَتًا، والآخر خلافه؛ قُيِّدَ المطلق بضد الصفة، وإلا قُيِّدَ بها في الأصح، وهي خاص وعام.
وإن اختلف حكمهما أو سببهما، ولم يكن ثم مقيد بمتنافيين، أو كان أولى بأحدهما؛ قُيِّدَ قياسًا في الأصح.
[الظاهر والمؤوّل]
الظاهر: ما دّل دلالة ظنية. والتأويل: حَمْلُ الظاهر على المحتمَل المرجوح. فإن حُمِلَ لدليل؛ فصحيح، أو لِمَا يُظَنُّ دليلاً؛ ففاسد، أو لا لشيء؛ فلعب.
والأول: قريب وبعيد، كتأويل "أمسك" بـ "ابتدئ" في المعية، و"ستين مسكينًا" بستين مدًا، و "لا صيام لمن لم يبيت" بالقضاء والنذر، و "ذكاة الجنين ذكاة أمه" بالتشبيه.
[المجمل:]
ما لم تتضح دلالته؛ فلا إجمال في الأصح في آية السرقة، ونحو حرمت عليكم الميتة، وامسحوا برءوسكم، وُرفِعَ عن أمَّتِيْ الخطأُ، و لا نكاح إلا بوليّ، لوضوح دلالة الكلّ.
بل في مثل القرء والنور والجسم والمختار، وقوله تعالى "أو يعفو الذي بيده عقد النكاح" و "إلا ما يتلى عليكم" و "الراسخون" وقوله عليه الصلاة والسلام (لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه في جداره) وقولك "زيد طبيب ماهر" و "الثلاثة زوج وفرد"
والأصح: وقوعه في الكتاب والسنة، وأن المسمى الشرعي أوضح من اللغوي، وقد مرّ.
وأنه إن تعذر حقيقةُ؛ رُدَّ إليه بِتَجَوُّز، وأن اللفظ المستعمل لمعنى تارة ولمعنيين – ليس ذلك المعنى أحدهما – مجمل، فإن كان أحدهما؛ عمل به ووقف الآخر.
[البيان:]
إخراج الشيء من حيز الاشكال إلى حيز التجلي، وإنما يجب لمن أريد فهمه.
والأصح: أنه يكون بالفعل، والمظنون يُبَيِّن المعلوم، والمتقدم من القول والفعل هو البيان، هذا إن اتفقا؛ وإلا فالقول، وفعله مندوب أو واجب أو تخفيف.
[مسألة]
تأخير البيان عن وقت الفعل غير واقع، وإن جاز، وإلى وقته واقع في الأصح، سواء أكان للمبيَّن ظاهر، وللرسول تأخير التبليغ إلى الوقت، ويجوز أن لا يعلم الموجود لمخصص، ولا بأنه مخصص، ولو على المنع.
[النسخ:]
رفع حكم شرعي بدليل شرعي، ويجوز في الأصح:
نَسْخُ بعْضِ القرآنِ، والفعلِ قبل التمكن، ونسْخُ السنة بالقرآن، كهو به، ونسخه بها، ولم يقع إلا بالمتواترة في الأصح. وحيث وقع بالسنة؛ فمعها قرآن عاضد لها، أو بالقرآن؛ فمعه سنة.
ونسْخُ القياس في زمن النبيّ بنص أو قياس أجلى، ونسْخُ الفحوى دون أصله إن تعرض لبقائه، وعكسه، والنسخ به، لا نسْخُ النص بالقياس.
ويجوز نسْخُ المخالفة دون أصلها، لا عكسه، ولا النسخ بها في الأصح.
ويجوز نسْخُ الإنشاءِ، ولو بلفظ قضاء أو بصيغة خبر أو قيد بتأبيد أو نحوه، والإخبارِ بشيء، ولو مما لا يتغير، بإيجاب الاخبار بنقيضه. لا الخبر، وإن كان مما يتغير.
ويجوز عندنا النسخ ببدل أثقل وبلا بدل، ولم يقع في الأصح.
[مسألة]
النسخ واقع عند كل المسلمين، وسماه أبو مسلم تخصيصًا؛ فالخلف لفظي. والمختار: أن نسْخَ حكْمِ أصلٍ لا يبقى معه حكم فرعه، وأن كل شرعي يقبل النسخ، ولم يقع نسخ كل التكاليف ووجوب المعرفة إجماعًا، وأن الناسخ قبل تبليغ النبي الأمة لا يثبت في حقهم، وأن زيادة جزء أو شرط أو صفة على النص ليست بنسخ، وكذا نقصه.
[خاتمه]
يتعين الناسخ بتأخيره، ويعلم بالإجماعِ وقولِ النبي ‘هذا ناسخ’ أو ‘بعد ذاك’ أو ‘كنت نهيت عن كذا، فافعلوه’ أو نصِّه على خلاف النص الأول، أو قول الراوي ‘هذا متأخر’.
لابِمُوافقةِ أحد النصين للأصل، وثبوتِ إحدى آيتين في المصحف، وتأخيرِ إسلام الراوي، وقولِه ‘هذا ناسخ’ في الأصح، لا ‘الناسخ’.






[الكتاب الثاني في السنة]
وهي أقوال النبي وأفعاله، الأنبياء معصومون حتى عن صغيرة سهْوًا، فلا يقر نَبِيُّنَا أحدًا على باطلٍ، فسكوته – ولو غير مستبشر – على الفعل مطلقًا دليل الجواز للفاعل ولغيره في الأصح، وفعله غير مكروه.
وما كان جِبِلِيًّا أو متردِّدًا أو بيانًا أو مخصِّصًا به؛ فواضح، وما سواه: إن علمت صفته؛ فأمته مثله في الأصح.
وتعلم بنصٍّ وتسوية بمعلوم الجهة ووقوعِه بيانًا أو امتثالاً لدال على وجوب أو ندب أو إباحة. ويَخُصُّ الوجوبَ أمارتُه كالصلاة بأذان، وكونه ممنوعًا لو لم يجب، كالحد، والندبَ مجردُ قصْدِ القربةِ، وإن جُهِلَتْ؛ فللوجوب في الأصح.
وإذا تعارض الفعل والقول، ودل دليل على تكرّر مقتضاه: فإن اختص به؛ فالمتأخر ناسخ، فإن جُهِلَ؛ فالوقف في الأصح ولا تعارض، وإن اختص بنا؛ فلا تعارض فيه، وفينا المتأخر ناسخ إن دل دليل على تَأَسِّيْنَا، فإن جُهِلَ؛ عمل بالقول في الأصح، وإن عَمَّنَا وعَمَّهُ؛ فحكمهما كما مر، إلا أن يكون العام ظاهرًا فيه؛ فالفعل مخصص.
[الكلام في الأخبار]
المركب: إما مهمل، وليس موضوعًا، وهو موجود في الأصح - أو مستعمل، والمختار أنه موضوع.
والكلام اللساني: لفظ تضمن إسنادًا مفيدًا مقصودًا لذاته، و النفساني: معنى في النفس يعبر عنه باللساني، والأصح عندنا أنه مشترك، والأصولي إنما يتكلم فيه.
فإن أفاد بالوضع طلَبَا؛ فطلَبُ ذكْرِ الماهيةِ: استفهامٌ، وتحصيلِهَا أو تحصيلِ الكفِّ عنها: أمر ونهي، ولو من ملتمس وسائل، وإلا فما لا يحتمل صدقًا وكذبًا: تنبيه وإنشاء، و محتملهما خبَرٌ.
وقد يقال: الانشاء: ما يحصل به مدلوله في الخارج، والخبَرُ خلافُه، ولا مخرج له عن الصدق والكذب؛ لانه إما مطابق للخارج أولا، فلا واسطة في الأصح.
ومدلول الخبر ثبوت النسبة لا الحكم بها، ومورد الصدق والكذب النسبة التي تضمنها فقط، كقيام زيد في قام زيد بن عمرو، ولا بنوته، فالشهادة بتوكيل فلان بن فلان شهادة بالتوكيل فقط، والراجح بالنسب ضِمْنًا وبالتوكيل أصلاً.
[مسألة]
الخبر: إما مقطوع بكذبه قطْعًا، كالمعلوم خلافُه ضرورةً أو استلالاً، وكلُّ خَبَرٍ أَوْهَمَ باطلاً ولم يَقْبَل تأويلاً؛ فموضوع أو نقص منه ما يزيل الوهم. وسبب وضعه: نسيان أو تنفير أو غلط أو غيرها.
أو في الأصح، كخبر مدّعي الرسالة بلا معجزةٍ وتصديقِ الصادقِ وخبَرٍ نُقِّبَ عنه ولم يُوْجَدْ عند أهله، وما نقل آحادًا فيما تتوفر الدواعي على نقله.
وإما بصدقه، كخبَرِ الصادقِ وبعْضِ المنسوبِ للنبي r والمتواتِرِ، وهو خبَرُ جَمْعٍ يَمْتنِع تواطؤُهم على الكذب عن محسوس، وحصول العلم آية اجتماع شرائطه، ولا تكفي الأربعة.
والأصح: أن ما زاد عليها صالِحٌ مِنْ غير ضبْطٍ، وأنه لا يشترط فيه إسلامٌ، ولا عدمُ احتواءِ بلَدٍ، وأن العلم فيه ضروري، ثم إن أخبروا عن محسوس لهم؛ فذاك، وإلا كفى ذلك.
وأن علمه لكثرة العدد متفق، وللقرائن قد يختلف، وأن الاجماعَ على وَفْقِ خبَرٍ وبقاءَ خبَرٍ تَتَوَفَّرُ الدواعِيْ على إبطاله، وافتراقَ العلماءِ بين مُؤَوِّلٍ ومُحْتَجٍّ لا يدل على صدقه، وأن المخبر بحضرة عدد التواتر ولم يكذبوه ولا حامل على سكوتهم، أو بمسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولا حامل على سكوته صادقٌ.
وأما مظنون الصدق؛ فخبَرُ الواحد، وهو ما لم يَنْتَهِ إلى التواتُرِ، ومنه المستفيض، وهو الشائع عن أصل، وقد يسمى مشهورًا، وأقله ما زاد على ثلاثة.
[مسألة]
الأصح: أن خبر الواحد يُفِيد العلْمَ بقرينة، ويجب العمل به في الفتوى والشهادة إجماعًا، وفي باقي الأمور الدينية والدنيوية في الأصح، سمْعًا، قيل: وعقلاً.
[مسألة]
المختار: أن تكذيبَ الأصلِ الفرْعَ وهو جازم لا يسقط مرويه؛ لأنهما لو اجتمعا في شهادة لم ترد.
وزيادة العدل مقبولة؛ إن لم يُعْلَمْ اتِّحادُ المجلسِ، بأن عُلِمَ تعدُّدُه، وإلا فالمختار: المنع إن كان غيرُه لا يَغْفُلُ مِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِها عادةً، أو كانت الدعاوي تتوفر على نقلها، فإن كان الساكت أضبطَ، أو صرّح بنفيها على وَجْهٍ يُقْبَل؛ تعارضا.
والأصح: أنه لو رواها مرةً وتَرَك أخرى، أو انفرد واحد عن واحد؛ قُبِلَتْ، وأنه إن غَيَّرَتْ إعرابَ الباقي؛ تعارضا، وأنَّ حَذْفَ بعْضِ الخبَرِ جائزٌ، إلا أن يتعلق به الباقي.
ولو أسند وأرسلوا؛ فكالزيادة، وإذا حَمَلَ صحابيٌّ مَرْوِيَّهُ على أحد محمليه؛ حُمَل عليه إن تَنَافَيَا، وإلا فكالمشترك في حمله على معنييه، فإن حَمَلَه على غير ظاهره؛ حُمِلَ على ظاهره في الأصح.
[مسألة]
لا يُقْبَل: مختلٌّ وكافرٌ، وكذا صبِيٌّ في الأصح. والأصح: أنه يُقْبَل صبيٌّ تَحَمَّلَ فبَلَغَ فأَدَّى، ومبتدعٌ يُحرِّم الكذبَ وليس بداعية ولا يكفر ببدعته، ومَنْ ليس فقيهًا وإن خالف القياس، ومتساهل في غير الحديث.
ويُقْبَل مُكْثِر؛ وإن نَدَرَتْ مخالطته للمحدثين إن أمكن تحصيل ذلك القدر في ذلك الزمن.
وشرط الراوي: العدالة، وهي ملكة تمنع اقتراف الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة، والرذائل المباحة كبول بطريق.
فلا يُقْبَل في الأصح مجهولٌ باطنًا، وهو المستور، ومجهولٌ مطلقًا، ومجهولُ العين. فإن وصفه نحْوُ الشافعي بالثقة أو بنفي التهمة؛ قبل في الأصح، كمَنْ أَقْدَمَ معذورًا على مُفَسِّقٍ مظنون أو مقطوع.
والمختار: أن الكبيرة: ما تُوُعِّدَ عليه بخصوصه غالبًا، كقتل وزنا ولواط وشرب خمر ومسكر وسرقة وغصب، وقذف ونميمة وشهادة زور ويمين فاجرة، وقطيعة رحم وعقوق وفرار، ومال يتيم وخيانة، وتقديم صلاة وتأخيرها، وكذب على نبي، وضر مسلم وسب صحابي، وكتم شهادة ورشوة، ودياثة وقيادة وسعاية، ومنع زكاة ويأس رحمة وأمن مكر، وظهار ولحم ميت وخنْزير وفطر في رمضان، وحرابة وسحر وربا وإدمان صغيرة.
[مسألة]
الإخبار بعام: رواية، وبخاص عند حاكم: شهادة؛ إن كان حقًّا لغير المُخْبِر على غيره.
والمختار: أن ‘أشهد’ إنشاء تضمن إخبارًا، وأن صِيَغَ العقودِ والحلولِ كـ ‘بعت’ و‘أعتقت’ إنشاء، وأنه يثبت الجرح والتعديل بواحد في الرواية فقط، وأنه يشترط ذكر سبب الجرح فيهما، ويكفي إطلاقه في الرواية؛ إن عُرِفَ مذهبُ الجارح.
والجرح مقدم إن زاد عدد الجارح على المعدّل، وكذا إن لم يزد عليه في الأصح، ومن التعديل: حكْمُ مشترِط العدالة بالشهادة، وكذا عَمَلُ العالِمِ، وروايةُ مَنْ لا يروي إلا عن عدل في الأصح.
وليس من الجرح: تَرْكُ عَمَلٍ بمرويه، وحُكْمٌ بمشهوده، ولا حدّ في شهادة زنا، ونحو شرب نبيذ، ولا تدليس بتسمية غير مشهورة، قيل: إلا أن يكون بحيث لو سئل لم يبينه، ولا بإعطاءِ شخصٍ اسْمَ آخر تشبيهًا، كقول الأصل “أبو عبدالله الحافظ” يعني الذهبي تشبيهًا بالبيهقي يعني الحاكم، ولا بإيهام اللقى والرحلة.
أما مدلس المتون؛ فمجروح.
[مسألة]
الصحابي: مَن اجتمع مؤمِنًا بالنبي وإن لم يرو أو لم يطل، كالتابعي معه، والأصح: أنه لو ادّعى معاصر عدل صحبة؛ قُبِلَ، وأن الصحابة عدول.
[مسألة]
المرسل: مرفوعُ غيرِ صحابيٍّ إلى النبي، والأصح: أنه لا يُقْبَلُ إلا إن كان مُرْسِلُه من كبار التابعين، وعضده كونُ مرسله لا يروى إلا عن عدل وهو مسند، أو عضده قولُ صحابي أو فعلُه أو قولُ الأكثر أو مسنَدٌ مرسلٌ أو انتشارٌ أو قياسٌ أو عملُ العصرِ أو نحوها، والمجموع حجة إن لم يحتجّ بالعاضد، وإِلاَّ فدليلان، وأنه بإعتضاده بضعيفٍ أضعفُ من المسند، فإن تجرد ولا دليل سواه؛ فالأصح: الانكفاف لاجله.
[مسألة]
الأصح: جواز نقل الحديث بالمعنى لعارف، وأنه يُحْتَج بقول الصحابي ‘قال النبي’ فـ ‘عنه’ فـ ‘سمِعْتُه أَمَرَ ونَهَى’ أو ‘أُمِرْنَا’ أو نحوه، و‘من السنة’ فـ ‘كنا معاشر الناس’ أو ‘كان الناس يفعلون’ فـ ‘كنا نفعل في عهده صلى الله عليه وسلم’ فـ ‘كان الناس يفعلون’ فـ ‘كانوا لا يقطعون في التافه’.
[خاتمة]
مُستنَدُ غيرِ الصحابيٍّ: قراءة الشيخ إملاءً فتحديثًا، فقراءته عليه، فسماعه[12]، فمناولة أو مكاتبة مع إجازة، فإجازة[13] لخاص في خاص، فخاص في عام، فعام في خاص، ففي عام، فلفلان ومَن يُوجَد مِن نسله، فمناولة أو مكاتبة، فإعلام، فوصية، فوجادة.
والمختار: جواز الرواية بالمذكورات، لا إجازة مَنْ يوجد من نسل فلان، وألفاظ الأداء من صناعة المحدّثين[14].






[الكتاب الثالث في الإجماع]
وهو اتفاق مجتهدي الأمةِ بعد وفاة محمد في عصر على أي أمر، ولو بلا إمام معصوم، أو بلوغ عدد تواتر، أو عدول، أو غير صحابي، أو قصر الزمن.
فعُلِمَ: اختصاصُه بالمجتهدين؛ فلا عبرة باتفاق غيرهم قطْعًا ولا بوفاقه لهم في الأصح، وبالمسلمين، وأن لابد من الكل، وهو الأصح، وعدم انعقاده في حياة محمد، وأنه لو لم يكن إلا واحد؛ لم يكن قوله إجماعًا، وليس حجة على المختار، وأن انقراض العصر لا يشترط، وأنه قد يكون عن قياس، وهو الأصح فيهما، وأن اتفاق السابقين غير إجماع، وليس حجة في الأصح، وأن اتفاقهم على أحد قولين قبل استقرار الخلاف جائز؛ ولو من الحادث بعد ذوي القولين، وكذا اتفاق هؤلاء، لا مَنْ بَعْدَهُم في الأصح، وأن التمسك بأقل ماقيل حق، وأنه يكون في ديني ودنيوي وعقلي لا تتوقف صحته عليه، ولغوي، وأنه لا بد له من مستند، وهو الأصح.
أما السكوتي – بأن يأتي بعضهم بحكم ويسكت الباقون عنه، وقد علموا به، وكان السكوت مجرد عن أمارة رضا وسخط، والحكم اجتهادي تكليفي، ومضى مهلة النظر عادةً – ؛ فإجماع وحجة في الأصح.
[مسألة]
الأصح: إمكانه، وأنه حجة وإن نقل آحادًا، وأنه قطعي إن اتفق المعتبرون، لا إن اختلفوا كالسكوتي، وخرقه حرام.
فعُلِمَ: تحريمُ إحداثِ ثالثٍ وتفصيل إن خرقاه، وأنه يجوز احداثُ دليلٍ أو تأويلٍ أو علةٍ إن لم يخرق، وأنه يمتنع ارتداد الأمة سمعًا، لا اتفاقها على جَهْلِ مَا لَمْ تُكَلَّفْ به، ولا انقسامُه فرقتين؛ كُلٌّ يَخْطِئُ في مسألة، وأن الاجماع لا يُضَادُّ إجماعًا قبله، وهو الأصح في الكل، ولا يعارضه دليل، وموافقته خَبَرًا لا تدل على أنه عنه، لكنه الظاهر إن لم يوجد غيره.
[خاتمه]
جاحدُ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُوْمٍ مِنَ الدِّيْنِ ضَرُوْرَةً كَافِرٌ إن كان فيه نص، وكذا إن لم يكن في الأصح.






[الكتاب الرابع في القياس]
وهو حَمْلُ معلومٍ على معلومٍ لمساواته في علة حكمه عند الحامل، وإنْ خُصَّ بالصحيح؛ حُذِفَ الأَخِيْرُ، وهو حجة في الأمور الدنيوية، وكذا في غيرها في الأصح، إلا في العادية والخلقية، وإلا في كل الأحكام، وإلا القياس على منسوخ؛ فيمتنع في الأصح، وليس النصُّ على العلةِ أَمْرًا بالقياس في الأصح. وأركانه أربعة:
[الأول:]
الأصل، والأصح: أنه مَحَلُّ الحُكْمِ المُشَبَّه به، وأنه لا يشترط دالّ على جواز القياس عليه بنوعه أو شخصه، ولا الأتفاق على وجود العلة فيه.
[الثاني:]
حكم الأصل، وشرطه: ثبوته بغير قياس، ولو اجماعًا، وكونه غيرَ مُتَعَبَّدٍ به بالقطع في قول، وكونُه مِنْ جنْسِ حكْمِ الفرْعِ، وأَنْ لا يعدل عن سنن القياس[15]، ولا يكون دليله شاملاً لحكم الفرع، وكونُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ جَزْمًا بين الخصمين فقط في الأصح.
والأصح: أنه لا يُشْتَرَطُ اختلافُ الأمةِ، فإن اتفقا عليه مع منع الخصم أن علته كذا؛ فمركب الأصل، أو وجودها في الأصل؛ فمركب الوصف، ولا يقبلان في الأصح.
ولو سَلَّمَ العلةَ، فأَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ وجودَها، أو سَلَّمَهُ الْخَصْمُ؛ انْتَهَضَ الدليلُ، وإن لم يتفِقَا عليه وعلى علته، ورَامَ الْمُسْتَدِلُّ إثباتَه ثم العلة؛ فالأصح: قبوله.
والأصح: لا يشترط الاتفاق على أن حكم الأصل معلل أو النص على العلة.
[الثالث:]
الفرع، وهُوَ الْمَحَلُّ الْمُشَبَّهُ في الأصح، والمختار: قبول المعارضة فيه بمقتضي نقيض الحكم أو ضده[16]، ودفعها بالترجيح[17]، وأنه لا يجب الإيماء إليه في الدليل.
وشرطه: وجودُ تَمَامِ العِلَّةِ فيه، فإن كانت قطعية؛ فَقَطْعِيٌّ، أو ظنية؛ فَظَنِّيٌّ وَأَدْوَنُ، كتفاح بِبُرٍّ بجامع الطعم، وأن لا يُعارَض، ولا يقوم القاطعُ على خلافه، وكذا خَبَرُ الواحد في الأصح إلا لتجربة النظر، ويَتَّحِدَ حُكْمُهُ بِحُكْمِ الأصْلِ، ولا يتقدم على حكم الأصل حيث لا دليل له، لا ثبوته بالنص جملة، ولا انتفاء نص أو إجماع يوافق على المختار.
[الرابع:]
العلة، الأصح: أنها المعرِّف، وأنَّ حُكْمَ الأصْلِ ثَابِتٌ بِهَا.
وقد تكون دافعةً للْحُكْم أو رافعةً أو فاعلةً لَهُمَا، وَصْفًا حَقِيْقِيًّا[18] ظاهرًا مُنْضَبِطًا، أو عرفيا مطرِدًا، وكذا في الأصح: لُغَوِيًّا أَوْ حُكْمًا شَرْعِيًّا أو مُرَكَّبًا.
وشُرِطَ للالحاقِ بها أَنْ تَشتمِلَ على حِكْمَةٍ تَبْعَثُ على الامتثال، وتصلح شاهِدًا لإِناطةِ الْحكْمِ.
ومانِعُها: وَصْفٌ وُجُوْدِيٌّ يَخِلُّ بِحِكْمَتِها.
ولا يجوز في الأصح: كونُها الحكمة إن لم تنضبط، وكونها عدمية في الثبوتي، ويجوز التعليل بما لا يُطَّلَعُ على حكمته، ويثبت[19] الحكم فيما يُقطَع بانتفائها فيه للمظنة في الأصح.
والأصح: جواز التعليل بالقاصرة[20] لكونها محل الحكم أو جزءه أو وصفه الخاص، ومِنْ فوائدِها[21] مَعْرِفَةُ المناسَبَةِ، وتقوية النص.
وباسم لقب وبالمشتق وبعلل شرعية، وهو واقع، وعكسه جائز وواقع؛ إثباتًا كالسرقة ونفْيًا كالحيض.
وللالحاق أن لا يكون ثبوتُها متأخِرًا عن ثبوت حكم الأصل في الأصح، وأن لا تعود على الأصل بالإبطال، ويجوز عودها بالتخصيص في الأصح غاَلِبًا، وأن لا تكون المستنبطة معارَضَةً بِمُنَافٍ مَوْجُوْدٍ في الأصل، وأن لا تُخَالِفَ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا، ولا تتضمن المستنبَطَةُ زيادةً عليه[22] منافِيَةً مقتضاه، وأن تتعين.
لا أن تكون وصْفًا مُقَدَّرًا، ولا أن لا يشملَ دليلُها حكْمَ الفرع لعمومه أو خصوصه، ولا القطْعُ في المستنبَطَة بِحُكْم الأصل، ولا القطْع بوجودها في الفرع، ولا انتفاءُ مخالفتها مذْهَبَ الصحابيِّ، ولا انتفاء المعارض لها في الأصح.
والمعارض هنا[23]: وَصْفٌ صالِحٌ لِلْعِلِّيَّةِ كصلاحية المعارَض، ومُفْضٍ للاختلاف في الفرع، كالطعم مع الكيل في البرّ في التفاح.
والأصح: لا يلزم المعترضَ نَفْيُ وصِفْهِ عن الفرع، ولا إبداءُ أصل، وللمستدل الدفْعُ بالمنع وببيان استقلال وصفه في صورة، ولو بظاهر عام إن لم يتعرض للتعميم، وبالمطالبة بالتأثير أو الشبه إن لم يكن سبْرًا، ولو قال: “ثبت الحكم مع انتفاء وصفك” ؛ لَمْ يَكْفِ، وإن وُجِدَ معه وصْفُهُ.
ولو أبدى المعترضُ ما يخلف الملغى؛ سُمِّيَ تَعَدُّدَ الْوَضْعِ، وزالت فائدة الإلغاء[24] ما لم يُلْغِ المستدل الخلف بغير دعوى قصوره أو ضعف معنى المظنة، وسَلَّمَ أن الخلف مظنة. وقيل: دعواهما إلغاء، ولا يكفي رجحان وصف المستدل.
وقد يُعْتَرَضُ باختلاف جِنْسِ الحكمة، وإن اتحد الجامع؛ فيجاب بحذف خصوص الأصل عن الاعتبار.
والعلة إن كانت وجودَ مَانعِ أو انتفاءَ شَرْطٍ؛ لا تستلزم وجود المقتضى في الأصح.
[مسالك العلة]
(الأول) الإجماع.
(الثاني) النص:
الصريح، كـ: ‘لعلة كذا’ ، فـ ‘لسبب’ ، فـ ‘من أجل’ ، فنحو: ‘كَيْ’ و ‘إِذَنْ’.
والظاهر، كـ ‘اللام ظاهرة’، فمقدرة، فـ ‘الباء’، فـ ‘الفاء’ في كلام الشارع، فالراوي[25] الفقيه، فغيره، فـ ‘إن’ و ‘إذ’ وما مرَّ في الحروف.
الثالث: الايماء، وهو اقْتِرَانُ وَصْفٍ مَلْفُوْظٍ بِحُكْمٍ، وَلَوْ مُسْتَنْبَطًا، لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّعْلِيْلِ هُوَ أَوْ نَظِيْرُهُ؛ كَانَ بَعِيْدًا، كـ:
·       حُكْمِه بعد سماع وصف،
·       وذِكْرِه في حكْمٍ وصْفًا، لو لم يكن علة؛ لم يفد،
·       وتَفْرِيْقِهِ بين حُكْمَيْنِ بصفة مع ذكرهما أو ذكر أحدهما،
·       أو بشرط أو غاية أو استثناء أو استدراك،
·       وتَرْتِيْبِ حُكْمٍ على وصف،
·       ومنْعِه مما قد يفوّت المطلوب.
ولا تشترط مناسبة المومى إليه في الأصح.
(الرابع) السبْرُ والتقسيم، وهو حَصْرُ أَوْصَافِ اْلأَصْلِ وَإِبْطَالِ مَا لاَ يَصْلُحُ، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِيْ، ويكفي قولُ المستدلِّ ‘بحثت، فلم أجد، والأصل عدم غيرها’ والناظر يرجع إلى ظنه.
فإن كان الحصر والإبطال قطعِيًّا؛ فقطعِيٌّ، وإلا؛ فظَنِّيٌّ، وهو حجة في الأصح.
فإن أَبْدَى الْمُعترِضُ وصْفًا زائدًا؛ لَمْ يُكَلَّفْ بِبَيَانِ صلاحيته للتعليل، ولا ينقطع المستدلُّ حتى يَعْجِزَ عن إبطاله في الأصح، فإن اتفقَا على إبطالِ غَيْرِ وصفين؛ كفاه الترديد بينهما.
ومِنْ طرق الإبطال: بيانُ أنَّ الوصْفَ طَرْدِيٌّ، كالطول وكالذكورة في العتق، وأن لا تظهر مناسبة المحذوف، ويكفي قول المستدل ‘بَحَثْتُ فَلَمْ أَجِدْ مُوْهِمَ مُنَاسَبَةٍ’ فإن ادّعى المعْترِضُ أن الْمُبْقَى كذلك؛ فليس للمستدل بيان مناسبته، لكن له ترجيح سبْرِه بموافقة التعدية.
الخامس: المناسبة، ويُسَمَّى استخراجُها تخريجَ المناطِ، وهو تَعْيِيْنُ الْعِلَّةِ بِإِبْدَاءِ مُنَاسَبَةٍ مَعَ اْلاقْتِرَانٍ بَيْنَهُمَا، كالاسكار، ويُحَقَّقُ استِقْلاَلُ الوصف بعدم غيره بالسبر.
والْمُنَاسِبُ: وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ يَحْصُلُ عَقْلاً مِنْ تَرْتِيْبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَا يَصْلُحُ كَوْنُهُ مَقْصُوْدًا لِلشَّارِعِ مِنْ حُصُوْلِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ.
فإن كان الوصف خَفِيًّا أو غيْرَ مُنْضَبِطٍ؛ اعْتُبِرَ مُلاَزِمُه، وهو المظنة.
وحصول المقصود من شرع الحكم قد يكون يقينًا، كالْمِلْك في البيع، وظَنًّا، كالإنزجار في القصاص، ومُحْتَمِلاً سواءً، كالانزجار في حدِّ الْخَمْر، أو مرجوحًا، كالتَوَالُدِ في نكاح الأمة.
والأصح: جواز التعليل في الأخيرين، فإن فات قطعًا؛ فالأصح: لا يُعْتَبَرُ، سواءٌ ما فيه تَعَبُّدٌ، كاستبراءِ أَمَةٍ اشتراها بَائِعُهَا في المجلس، وما لا، كلُحُوْقِ نَسَبِ وَلَدِ الْمَغْرِبِيَّةِ بِالشَّرْقِيِّ.
والمناسب: ضروريٌّ فحَاجِيٌّ فتَحْسِيْنِيٌّ، والضَّرُوْرِيُّ: حفظ الدين فالنفس فالعقل فالنسب فالمال فالعرض، ومثله مكمله، كالحد بقليل المسكر.
والحاجِيُّ: كالبيع فالإجارة، وقد يكون ضروريًّا، كالإجارة لتَرْبِيَةِ الطفل، ومكمله كخيار البيع.
والتحسيني: (1) معارض للقواعد كالكتابة، (2) وغيره كسلب العبد أهليةَ الشهادةِ.
ثم المناسب[26] إن اعتبر عينه في عين الحكم بنص أو إجماع؛ فالمؤثر، أو بترتيب الحكم على وقفه: فإن اعتبر العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس؛ فالملائم، وإلا فالغريب.
وإن لم يعتبر: فإن دل دليل على إلغائه؛ فلا يعلل، وإلا فالمرسل، ورده الأكثر.
وليس منه[27]: مصلحةٌ ضروريةٌ كُلِيَّةٌ قَطْعِيَّةٌ أو ظَنِّيَّةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْهَا، فهي حَقٌّ كُلِّيٌّ قَطْعًا.
والمناسبة تنخرم بمفسدة تلزم راجحةٍ أو مساويةِ لها في الأصح.
(السادس) الشبه، وهُوَ مَشَابَهَةُ وَصْفٍ لِلْمُنَاسِبِ وَالطَّرْدِيِّ، ويسمى الوَصْفُ بالشبه أيضًا، وهو منْزلة بين منْزلتَيْهِمَا في الأصح.
ولا يصار إليه إن أمكن قياس العلة، وإلا فهو حجة في غير الصوري في الأصح، وأعلاه: قياسُ ما لَهُ أَصْلٌ واحِدٌ فغلَبَةُ الأَشْبَاهِ في الحكم والصفة، فالحكم، فالصفة.
(السابع) الدوران، بأَنْ يُوْجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُوْدِ وَصْفٍ وَيَعْدِمُ عِنْدَ عَدَمِهِ، وهو يفيد ظَنًّا في الأصح، ولا يلزم المستدِلَّ به بيانُ انتفاءِ ما هو أولى منه، ويترجح جانبه بالتعدية إن أبدى المعترض وصْفًا آخر، والأصح: إن تعدى وَصْفُه إلى الفرع واتحد مقتضى وصفيهما، أو إلى فرع آخر؛ لم يُطْلَبْ ترجيح.
(الثامن) الطرد، بأَنْ يُقَارِنَ الْحُكْمُ الْوَصْفَ بِلاَ مُنَاسَبَةٍ، ورَدَّه الأكثر.
(التاسع) تنقيح المناط، بأَنْ يَدُلَّ نَصٌّ ظَاهِرٌ عَلَى التَّعْلِيْلِ بِوَصْفٍ، فَيُحْذَفَ خُصُوْصُهُ عَنِ الاعْتِبَارِ بِالاجْتِهَادِ، وَيُنَاطَ بِاْلأَعَمِّ، أَوْ تَكُوْنُ أَوْصَافٌ، فَيُحْذَفُ بَعْضُهَا وَيُنَاطُ بِبَاقِيْهَا، وتحقيق المناط: إِثْبَاتُ الْعِلَّةِ فِيْ صُوْرَةٍ، كإثبات أن النباش سارق، وتخريجه مَرَّ.
(العاشر) إِلْغَاءُ الْفَارِقِ، كإلحاق الأمة بالعبد في السراية، وهو والدوران والطرد ترجع إلى ضرب شبه.
[خاتمة]
ليس تَأَتِّي الْقِيَاسِ بِعِلِّيَّةِ وَصْفٍ، ولا العَجْز عن إفساده بدليلها في الأصح.




[القوادح]
منها: تَخَلُّفُ الحكْمِ عن العلة المستنبطة بلا مانع أو فقد شرط في الأصح، والخلف معنوي، ومن فروعه: الانقطاعُ وانخرام المناسبة بمفسدة وغيرهما.
وجوابه: مَنْعُ وجودِ العلة أو انتفاءِ الحكم، إن لم يكن انتفاؤه مذهب المستدل، أو بيانُ المانعِ أو فَقْدُ الشرط.
وليس للمعترض استدلال على وجود العلة عند الأكثر، لانتقاله، ولو دل على وجودها بموجود في محل النقض ثم مَنَعَ وجودَها، فقال: ينتقض دليلُك؛ لم يسمع لانتقاله من نقضها إلى نقض دليلها، وليس له استدلال على تخلف الحكم في الأصح، ويجب الاحتراز منه على المناظر مطلقًا، وعلى الناظر، إلا فيما اشتهر من المستثنيات.
وإثبات صورة أو نفيها ينتقض بالنفي أو الإثبات العامين وبالعكس.
ومنها: الكسر في الأصح، وهو إِلْغَاءُ بَعْضِ الْعِلَّةِ مَعَ إِبْدَالِهِ أَوْ لاَ، وَنَقْضُ بَاقِيْهَا، كما يقال في الخوف: ‘صلاة يجب قضاؤها، فيجب أداؤها كالأمن’ فيعترض، فليبدل بالعبادة، ثم ينقض بصوم الحائض، أو لا يبدل؛ فلا يبقى ‘إلا يجب قضاؤها’ ثم ينقض بما مر.
ومنها: عَدَمُ العكس عند مانع تعدد العلل، والعكس: انْتِفَاءُ الْحُكْمِ بِمَعْنَى انْتِفَاءِ الْعِلْمِ أو الظَّنِّ بِهِ ِلانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، فإن ثبت مقابله؛ فأبلغ، وشاهده قوله صلى الله عليه وسلم (أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال، كان له أجر) في جواب ‘أيأتي أحدنا شهوته، وله فيها أجر؟’
ومنها: عَدَمُ التَّأْثِيْرِ، أي نَفْيُ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ، فيختص بقياس معنى عِلَّتُهُ مستنبَطَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيْهَا، وهو أربعة:
(1) في الوصف بكونه طرديًّا أو شبهًا.
(2) وفي الأصل على مرجوح[28]، مثل ‘مبيع غير مرئي، فلا يصح كالطير في الهواء’ فيقول: لا أثر لكونه غير مرئي؛ إِذِ العجز عن التسليم كافٍ.
(3) وفي الحكم، وهو أضْرُبٌ: ما لا فائدة لذكره كقولهم في المرتدين ‘مشركون أتلفوا مالا بدار الحرب، فلا ضمان كالحربي’ فدار الحرب عندهم طردي، فلا فائدة لذكره، فيرجع للأول. وماله على الأصح فائدة ضرورية، كقول معتبِرِ العدد في الإستجمار: ‘عبادة متعلقة بالأحجار، لم يتقدمها معصية؛ فاعتبر فيها العدد كالجمار’ فقوله ‘لم يتقدمها معصية’ عديم التأثير، لكنه مضطر لذكره؛ لئلا ينتقض ما عَلَّلَ به بالرجم. أو غير ضرورية، مثل: ‘الجمعة صلاة ضرورية، فلم يفتقر إلى إذن الإمام كالظهر’ فإن ‘مفروضة’ حشو؛ إذ لو حذف لم ينتقض، لكنه ذكر لتقريب الفرع من الأصل بتقوية الشبه بينهما؛ إذ الفرض بالفرض أشبه.
(4) وفي الفرع مثل: ‘زَوّجَتْ نفسها غير كفء، فلا يصح’ كما لو زُوِّجَتْ، وهو كالثاني؛ إذ لا أثر فيه للتقييد بغير الكفء، ويرجع إلى المناقشة في الفرض، وهو تَخْصِيْصُ بَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ بالحجاج، والأصح جوازه.
ومنها: القلب، وهو في الأصح: دَعْوَى أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَصَحَّ عَلَيْهِ[29] فِي الْمَسْأَلَةِ، فيمكن معه تسليم صحته، فهو مقبول في الأصح: معارضة عند التسليم، قادح عند عدمه.
وهو قسمان: (الأول) لتصحيح مذهب المعترض وإبطال مذهب المستدل كما يقال: ‘عقد بلا ولاية، فلا يصح كالشراء’، فيقال: ‘عقد، فيصح كالشراء’، ومِثْلُ: ‘لبث، فلا يكون بنفسه قربة كوقوف عرفة’، فيقال: ‘لبث، فلا يُشترط فيه الصوم كعرفة’.
(الثاني) لإبطال مذهب المستدل بصراحة: ‘عضو وضوء، فلا يكفي أقلُّ ما يَنْطلِق عليه الأسمُ كالوجه’، فيقال: ‘فلا يقدّر بالربع كالوجه’، أو بالتزام: ‘عقد معاوضة، فيصح مع الجهل بالمعوّض كالنكاح’، فيقال: ‘فلا يثبت خيار الرؤية كالنكاح’.
ومنه: قلب المساواة، فيقبل في الأصح، مثل: ‘طهر بمائع، فلا يجب فيه النية كالنجاسة’، فيقال: ‘يستوي جامده ومائعه كالنجاسة’.
ومنها: القول بالموجب وهو تَسْلِيْمُ الدَّلِيْلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ[30]، كما يقال في المثقل: ‘قتل بما يقتل غالبًا، فلا ينافي القود، كالإحراق’ فيقال: سلَّمْنَا عَدَمَ الْمُنَافَاةِ، لكن لِمَ قُلْتَ "يقتضيه" ؟
وكما يقال: ‘التفاوت في الوسيلة لا يمنع القود كالتوسل إليه’ فيقال: مُسَلَّمٌ، لكن لا يلزم مِنْ إبطالِ مانعٍ انتفاءُ الْموانع ووجود الشرائط والمقتضى، والمختار: تصديق المعترض في قوله "ليس هذا مأخذي".
وربما سكت المستدل[31] عن مقدمة غير مشهورة مخافةَ الْمنْعِ، فيرد القول بالموجب.
ومنها: القدح في المناسبة وفي صلاحية إفضاء الحكم إلى المقصود وفي الإنضباط وفي الظهور[32]. وجوابه بالبيان.
ومنها: الفرق، والأصح: أنه مُعَارَضَةٌ بِإِبْدَاءِ قَيْدٍ فِيْ عِلِّيَّةِ اْلأَصْلِ أو مَانِعٍ فِي الْفَرْعِ أَوْ بِهِمَا، وأنه قادح. وجوابه بالمنْع، وأنه يجوز تعدُّدُ الأصولِ، فلو فرق بين الفرع وأصل منها؛ كفى في الأصح، وفي اقتصار المستدل على جواب أصل قولان.
ومنها: فساد الوضع، بأن لا يكون الدليل صالحًا[33] لترتيب الحكم، كتَلَقِّي التخفيف من التغليظ، والتوسيع من التضييق، والإثبات من النفي، وثبوت اعتبار الجامع بنص أو إجماع في نقيض الحكم. وجوابه بتقرير نفيه.
ومِنْها: فسادُ الاعتبار بأَنْ يُّخَالِفَ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا، وهو أعم من فساد الوضع، وله تقديمه على المنوعات وتأخيره عنها. وجوابه كالطعن في سنده والمعارضة ومنْع الظهور والتأويل.
ومنها: مَنْعُ عِلِّيَّة الوصف، وتسمى المطالبة، والأصح قبوله. وجوابه بإثباتها.
ومن الْمَنْع: مَنْعُ وصْفِ العلة، كقولنا في إفساد الصوم بغير جماع: “الكفارة للزجر عن الجماع المحذور في الصوم، فوجب اختصاصها به كالحد” فيقال: “بل عن الإفطار المحذور فيه”
وجوابه ببيان اعتبار الخصوصية، وكأن المعترِضَ يُنقِّح المناط، والمستدل يحققه.
ومنْعُ حكم الأصل[34]، والأصح أنه مسموع، وأن المستدل لا ينقطع به، وأنه إن دلَّ عليه؛ لم ينقطع المعترض، بل له أن يعترض.
وقد يقال[35]: لا نسلم حكم الأصل، سلمنا؛ ولا نسلم أنه مما يقاس فيه، سلمنا؛ ولا نسلم أنه معلل، سلمنا؛ ولا نسلم أن هذا الوصف علته، سلمنا؛ ولا نسلم وجوده فيه، سلمنا؛ ولا نسلم أنه متعدٍّ، سلمنا؛ ولا نسلم وجوده بالفرع. فيجاب بالدفع بما عرف من الطرق.
فيجوز إيراد اعتراضات من نوع وكذا من أنواع في الأصح وإن كانت مترتبة.
ومنها: اختلاف ضابطي الأصل والفرع، وجوابه بأنه القدر المشترك، أو بأن الإفضاء سواء، لا بالغاء التفاوت.
ومنها: التقسيم، وهو ترديد اللفظ بين أمرين؛ أحدهما ممنوع، والمختار: قبوله.
وجوابه أن اللفظ موضوع ولو عرفا أو ظاهر المراد.
والاعتراضات راجعة إلى المنع، ومقدّمها الإستفسار، وهو طلَبُ ذِكْر معنى اللفظ لغرابة أو إجمال، وبيانها على المعترض في الأصح، ولا يكلف[36] بيان تساوي المحامل، ويكفيه ‘الأصل عدم تفاوتها’ فيبين المستدل عدمهما[37]، أو يفسر اللفظ بمحتمل، قيل: وبغيره، والمختار: لا يقبل دعواه الظهور في مقصده بلا نقل أو قرينة، ثم المنع لا يأتي في الحكاية، بل في الدليل قبل تمامه أو بعده.
[والأول] إما مجرد أو مع السند كـ ‘لا نسلم كذا’ و ‘لم لا يكون كذا؟’ أو ‘إنما يلزم كذا؛ لو كان كذا’ وهو المناقضة، فإن احتج لانتفاء المقدمة؛ فغصب، لا يسمعه المحققون.
[والثاني] إما بمنع الدليل لتخلف حكمه؛ فالنقض: التفصيلي، أو الإجمالي، أو تسليمه مع الاستدلال بما ينافي ثبوت المدلول؛ فالمعارضة، فيقول: ما ذكرت، وإن دل؛ فعندي ما ينافيه، وينقلب مسْتَدِلاًّ.
وعلى المستدل الدفع بدليل، فإن منع؛ فكما مر، وهكذا إلى إفحامه أو إلزام المانع.
[خاتمة]
الأصح: أن القياس من الدين، وأنه من أصول الفقه، وحكم المقيس يقال: إنه دين الله، لا قاله الله ولا نبيه، ثم القياس فرض كفاية، ويتعين على مجتهد احتاج إليه، وهو: (1) جلي، ما قطع فيه بِنَفْي الفارق، أو ما قرب منه، (2) وخفي بخلافه، وقيل فيهما غيرُ ذلك.
وقياس العلة[38]: ما صرح فيه بها، وقياس الدلالة: ما جمع فيه بلازمها فأثرها فحكمها، والقياس في معنى الأصل الجمع بنفي الفارق.





[الكتاب الخامس في الاستدلال]
وهو دليل ليس بنص ولا إجماع ولا قياس شرعي، فدخل قطْعًا الاقترانِيُّ و الاستثنائيُّ، وقولهم ‘الدليل يقتضي أن لا يكون كذا’ ‘خولف في كذا لمعنى مفقود في صورة النِّزاع، فتبقى على الأصل’ وفي الأصح: قياس العكس، وعدم وجدان دليل الحكم، كقولنا ‘الحكم يستدعي دليلاً، وإلا لزم تكليف الغافل’ ولا دليل بالسبر أو الأصل لا لقولهم ‘وجد المقتضى أو المانع أو فقد الشرط’ مُجْمَلاً.
[مسألة]
الإستقراء بالجزئي على الكلي، إن كان تامًّا؛ فقطْعِيٌّ عند الأكثر، أو ناقِصًا، فظنِّيٌّ، ويسمى إلحاق الفرد بالأغلب.
[مسألة]
الأصح: أن استصحاب العدم الأصلي والعموم أو النص وما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه إلى ورود المُغَـيِّر حُجَّةٌ إلا إن عارضه ظاهر غالب ذو سببٍ ظُنَّ أنه أقوى، فيُقدَّم كبولٍ وَقَعَ في ماءٍ كثيرٍ فوُجِدَ متغيِّرًا، واحتمل تغيُّره به، وقَرُبَ العهد، ولا يُحتجُّ باستصحاب حال الإجماع في محل الخلاف.
فالاستصحاب: ثبوت أمر في الثاني لثبوته في الأول لفقد ما يصلح للتغيير. أما ثبوته في الأول؛ فمقلوب. وقد يقال فيه: لو لم يكن الثابت اليوم ثابتًا أمس؛ لكان غيرَ ثابتٍ، فيقضى استصحابُ أمس بأنه اليوم غير ثابت، وليس كذلك، فدل على أنه ثابت.
[مسألة]
المختار: أن النافي يُطالَب بدليل، إن لم يعلم النفي ضرورةً، وإلا فلا، وأنه لا يجب الأخذ بالأخف، ولا بالأثقل .
[مسألة]
المختار: أنه صلى الله عليه وسلم كان متعبدًا قبل البعثة بشرع، والوقف عن تعيينه، وبعدَها المنع، وأن أصل المنافع الحلّ، والمضارّ التحريم.
[مسألة]
المختار: أن الاستحسان ليس دليلاً، وفسر بـ: دليل ينقدح في نفس المجتهد، تقصر عنه عبارته، وردّ بأنه إن تَحَقَّقَ؛ فمعتبر. وبـ: عدول عن قياس إلى أقوى، ولا خلاف فيه، أو عن الدليل إلى العادة. وردّ بأنه إن ثبت أنها حق؛ فقد قام دليلها، وإلا ردت. فان تحقق استحسانٌ مختلَفٌ فيه؛ فمَنْ قال به؛ فقَدْ شَرعَ[39]، وليس منه استحسان الشافعي التحليف بالمصحف والخط في الكتابة ونحوهما.
[مسألة]
قول الصحابي غير حجة على آخرَ وِفَاقًا، وغيرِه في الأصح، وأنه لا يقلَّد، أمَّا وِفَاقُ الشافعي زيدًا في الفرائض؛ فلدليلٍ، لا تقليدًا.
[مسألة]
الأصح: أن الإلهام – وهو ما يطمئنّ له الصدر، يخص به الله بعض أصفيائه – غير حجة من غير معصوم.
[خاتمة]
مبنى الفقه على أن اليقين لا يرفع بالشك، والضرر يزال، والمشقة تجلب التيسير، والعادة محكمة .




[الكتاب السادس في التعادل والترجيح]
يمتنع تعادل قاطعين، لا قطعي وظني نقليين، وكذا أمارتان في الواقع في الأصح. فإن تعادلتا؛ فالمختار: التساقط، وإن نُقِلَ عن مجتهِدٍ قولان: فإن تعاقبا؛ فالمتأخر قوله، وإلا فما ذَكَرَ فيه مُشْعِرًا بترجيحه، وإلا فهو متردِّدٌ.
ووقع للشافعي في بضعة عشر مكانًا، ثم قيل: مخالف أبي حنيفة أرجح من موافقه، وقيل عكسه، والأصح الترجيح بالنظر، فإن وقف؛ فالوقف.
وإن لم يعرف للمجتهد قول في مسألة، لكن في نظيرها؛ فهو قوله المخرّج فيها في الأصح، والأصح: أنه لا ينسب إليه مطلقًا، بل مقيَّدًا، ومِنْ مُعارِضِةِ نصٍّ آخر للنظير تنشأ الطرق.
والترجيح: تقويةُ أحدِ الدليلين، والعملُ بالراجح واجب في الأصح، ولا ترجيح في القطعيّات، والمتأخر ناسخ، وإن نقل بالآحاد.
والأصح: أن العمل بالمتعارضين – ولو من وجه – أولى من إلغاء أحدهما، وأنه لا يقدم الكتاب على السنة ولا عكسه، فإن تعذر العمل؛ فإن عُلِمَ المتأخر؛ فناسخ، وإلا رُجِعَ إلى مرجِحٍ، فإن تعذر: فإن لم يتقارنا، وقَبِلا النسخَ؛ طَلَبَ غيرَهُمَا، وإلا يُخيَّر إن تعذر الترجيح.
[مسألة]
يُرَجَّحُ بكثرة الأدلة والرواة في الأصح، وبعلوّ الإسناد وفقه الراوي ولغته ونحوه، وورعه وضبطه وفطنته؛ وإن روى المرجوح باللفظ، ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته، وكونه مزكى بالاختبار أو أكثرَ مزكين، ومعروف النسب، قيل: ومشهوره، وصريح التزكية على الحكم بشهادته والعمل بروايته، وحفظ المروي وذكر السبب والتعويل على الحفظ دون الكتابة، وظهور طريق روايته وسماعه بلا حجاب، وكونه ذَكَرًا وحُرًّا في الأصح، ومن أكابر الصحابة ومتأخر الإسلام في الأصح، ومتحملا بعد التكليف وغير مدلس وغير ذي اسمين، ومباشِرًا وصاحب الواقعة، وراويا باللفظ ولم ينكره الأصل، وفي الصحيحين.
والقول والفعل فالتقرير، ويرجح الفصيح، وكذا زائد الفصاحة في قول، والمشتمل على زيادة في الأصح، والوارد بلغة قريش والمدني، والمشعر بعلوّ شأن النبي صلى الله عليه وسلم، وما فيه الحكم مع العلة، وما قدم فيه ذكرها عليه في الأصح، وما فيه تهديد وتأكيد، والعام مطلقا على ذي السبب، إلا في السبب، والعام الشرطي على النكرة المنفية في الأصح، وهي على الباقي، والجمع المعرّف على من وما، وكلها على الجنس المعرّف، وما لم يختص، والأقل تخصيصا، والاقتضاء فالإيماء فالإشارة، ويرجحان على المفهومين، وكذا الموافقة على المخالفة.
والناقل عن الأصل والمثبت في الأصح، والخبر فالحظر فالإيجاب فالكراهة فالندب فالإباحة في الأصح في بعضها، والمعقول معناه، وكذا نافي العقوبة، والوضعي على التكليفي في الأصح.
والموافِق دليلاً آخر، وكذا مرسَلاً أو صحابيا أو أهل المدينة أو الأكثر في الأصح، ويُرجَّح موافق زيد في الفرائض فمعاذ فعلىّ ومعاذ في أحكام غير الفرائض فعلي.
والإجماع على النص وإجماع السابقين وإجماع الكل على ما خالف غيه العوام، والمنقرض عصره على غيره، وكذا ما لم يسبق بخلاف في الأصح.
والأصح: تساوي المتواترين من كتاب وسنة.
ويرجح القياس بقوة دليل حكم الأصل، وكونه على سنن القياس، أي فرعه من جنس أصله، وكذا ذات أصلين على ذات أصل، وذاتية على حكمية، وكونها أقل أوصافًا في الأصح، والمقتضية احتياطًا في فرض، وعامة الأصل، والمتفق على تعليل أصلها، والموافقة لأصول على الموافقة لواحد، وكذا الموافقة لعلة أخرى، وما ثبت علته بإجماع، فنص قطعيين، فظنيين في الأصح، فإيماء فسبر فمناسبة فشبه فدوران. وقيل: دوران فمناسبة، وقياس المعنى على الدلالة، وكذا غير المركب عليه في الأصل، إن قبل، والوصف الحقيقي، فالعرفي فالشرعي الوجودي فالعدمي قطعًا، البسيط فالمركب في الأصح، والباعثة على الأماره المطردة المنعكسة، وكذا المتعدية، والأكثر فروعا في الأصح.
ومن الحدود السمعية: الأعرفُ على الأخفى، والذاتي على العرضي، والصريح وكذا الأعم في الأصح، وموافق نقل السمع، واللغة، وما طريق اكتسابه أرجح، والمرجحات لا تنحصر، ومثارها غلبة الظنّ.




[الكتاب السابع في الاجتهاد وما معه]
الاجتهاد: استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل الظنّ بالحكم، والمجتهد: الفقيه، وهو البالغ العاقل، أي ذو ملكة يدرك بها المعلوم، فالعقل الملكة في الأصح. فقيه النفس –  وإن أنكر القياس – : العارف بالدليل العقلي، ذو الدرجة الوسطى عربيةً وأصولاً ومتعلَّقًا للأحكام مِن كتاب وسنة، وإن لم يحفظ مَتَنًا لهما.
ويُعتبَر للاجتهاد كونُه خبيرًا بمواقع الإجماع والناسخ والمنسوخ وأسباب النُّزول والمتواتر والآحاد والصحيح وغيره، وحال الرواة، ويكفي في زمننا الرجوع لأئمة ذلك، ولا يُعتبَر علْمُ الكلامِ وتفاريع الفقه والذكورة والحرية، وكذا العدالة في الأصح، وليبحث عن المعارض.
ودونه مجتهد المذهب، وهو المتمكن من تخريج الوجوه على نصوص إمامه، ودونه مجتهد الفتيا، وهو المتبحر المتمكن من ترجيح قول على آخر.
والأصح: جواز تجزي الاجتهاد في بعض الأبواب، وجواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم ووقوعه، وأن اجتهاده لا يخطئ، وأن الاجتهاد جائز في عصره، وأنه وقع.
[مسألة]
المصيب في العقليات واحدٌ، والمخطئ آثم، بل كافر إن نفى الإسلام. والمصيب في نقلياتٍ فيها قاطع[40] واحد قطعًا. وقيل: على الخلاف الآتي. والأصح: أنه – ولا قاطع – واحد، وأن لله فيها حُكْمًا مُعَيَّنًا قبل الاجتهاد، وأن عليه أمارة، وأنه مكلف بإصابته، وأن المخطئ لا يأثم، بل يؤجر، ومتى قصر مجتهد أثم.
[مسألة]
لا ينقض الحكم في الاجتهاديات؛ فإن خالَفَ نصًّا أو إجماعًا أو قياسًا جَلِيًّا، أو حَكَمَ بخلاف اجتهاده، أو بخلاف نص إمامه – ولم يقلِّد غيرَه – أو لم يَجُزْ[41]؛ نقض، ولو نكح بغير وليّ، ثم تغير اجتهاده أو اجتهاد مقلَّده؛ فالأصح تحريمها. ومَنْ تَغَيَّرَ في اجتهاده؛ أَعْلَمَ المستفتِيَ ليكفّ ولا ينقض معموله، ولا يضمن المتلَف إن تغير لا لقاطع .
[مسألة]
المختار: أنه يجوز أن يقال لنبيّ أو عالم[42] ‘احكم بما تشاء، فهو حق’ ويكون مدركًا شرعِيًّا، ويسمى التفويضَ، وأنه لم يقع، وأنه يجوز لتعليق الأمر بإختيار المأمور.
[مسألة]
التقليد: أخْذُ قول الغير من غير معرفة دليله، ويَلزم غيرَ المجتهد في غير العقائد في الأصح، ويحرم على ظانّ الحكم باجتهاده، وكذا على المجتهد في الأصح.
[مسألة]
الأصح: أنه لو تَكَرَّرَتْ واقعةٌ لمجتهد، ولم يذكر الدليل؛ وجَبَ تجديدُ النظَرِ، أو لعامي[43] استفتى عالِمًا؛ وَجَبَ إعادة الاستفتاء، ولو كان مقلِّدَ ميتٍ.
                                        [مسألة]                                       
المختار: جواز تقليد المفضول لمعتقِده غيرَ مفضول، فلا يجب البحث عن الأرجح، وأن الراجح عِلْمًا فوق الراجح وَرْعًا، وتقليدِ الميت واستفتاءِ مَنْ عُرِفتْ أهليتُّه أو ظُنَّتْ، ولو قاضِيًا، فإن جُهِلَتْ؛ فالمختار: الاكتفاء باستفاضة عِلْمه وبظهور عدالته، وللعامي سؤاله عن مأخذه استرشادًا، ثم عليه بيانه إن لم يخف.
[مسألة]
الأصح: أنه يجوز لِمُقلِّد قادرٍ على الترجيح الإفتاءُ بمذهب إمامه، وأنه يجوز خُلو الزمان عن مجتهد، وأنه يقع، وأنه لو أفتى مجتهد عامِيًّا في حادثة؛ فله الرجوع عنه فيها إن لم يعمل وثم مُفْتٍ آخر، وأنه يلزم المقلِّدَ التزامُ مذهبٍ معيَّنٍ يعتقده أرجح أو مساويًا، والأولى السعْيُ في اعتقاده أرجح، وأن له الخروج عنه، وأنه يمتنع تَتَبُّع الرُّخَص.
[مسألة]
المختار: أنه يمتنع التقليدُ في أصول الدين، ويصح بجَزْمٍ، فليجزم عقده بأن العالم حادث، وله مُحْدِث، وهو الله الواحد، والواحد الذي لا ينقسم أو لا يشبه[44] بوجه، والله تعالى قديم، حقيقته مخالفة لسائر الحقائق. قال المحققون: ليست معلومة الآن، والمختار: ولا ممكنة في الآخرة، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، لم يزل وحده، ولا مكان ولا زمان، ثم أحدث هذا العالم بلا احتياج، ولو شاء ما أحدثه.
لم يحدث به في ذاته حادث، فعال لما يريد، ليس كمثله شئ، القدر خيره وشره منه، عِلْمُهُ شامل لكل معلوم، وقدرته لكل مقدور، ما عَلِمَ أنه يوجد؛ أراده، وما لا فلا، بقاؤه غير مُتَنَاهٍ، لم يزل بأسمائه وصفات ذاته ما دلّ عليها فعلُه مِنْ قدرة وعلم وحياة وإرادة أو تنْزيهُه عن النقص من سمع وبصر وكلام وبقاء.
وما صحّ في الكتاب والسنة من الصفات؛ نعتقِد ظاهِرَ معناه، ونُنَزِّهُ اللهَ عند سماع مشكله، ثم اختلف أئمتنا: أنؤول أم نفوض مُنَزِّهِيْنَ له مع اتفاقهم على أنَّ جهْلَنا بتفصيله لا يقدح.
القرآن النفسي غيرُ مخلوق، مكتوب في مصاحفنا، محفوظ في صدورنا، مقروء بألسنتنا على الحقيقة، يثيب على الطاعة ويعاقب إلا أن يعفو ويغفر غير الشرك على المعصية، وله إثابة العاصي وتعذيب المطيع وإيلام الدواب والأطفال، ويستحيل وصفه بالظلم.
يراه المؤمنون في الآخرة، والمختار: جواز رؤيته في الدنيا، السعيد مَنْ كَتَبَ اللهُ في الأزل موتَه مؤمِنًا، والشقيّ عكسه، ثم لا يتبدّلان. وأبوبكر ما زال بعين الرضا منه، والمختار: أن الرضا والمحبة غير المشيئة و الإرادة.
وهو الرزَّاق، والرزْقُ: ما ينتفع به، ولو حرامًا، بيده الهداية والإضلال، خلق الاهتداء والضلال. والمختار: أن اللطف خَلْقُ قدرة الطاعة، والتوفيق كذلك، والخذلان ضده، والختم والطبع والأمكنة والإقفال خلْقُ الضلالة في القلب.
و الماهيات مجعولة في الأصح، والخلف لفظي، أرسل تعالى رُسُلَه بالمعجزات، وخَصَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم النبيين، المبعوث إلى الخلق كافة، المفضل عليهم، ثم الأنبياء ثم خواص الملائكة. والمعجزة: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة.
والإيمان: تصديق القلب، ويعتبر فيه تلفظ القادر بالشهادتين شرطًا لا شطرًا. والإسلام: التلفُّظ بذلك، ويعتبر فيه الإيمان. والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. والفسق لا يزيل الإيمان، والميت مؤمِنًا فاسِقًا تحت المشيئة، يعاقب ثم يدخل الجنة، أو يسامح. وأولّ شافع وأولاه نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا يموت أحد إلا بأجله، والروح باقية بعد موت البدن، والأصح: أنها لا تفنى أبدًا، كعجب الذنب، وحقيقتها لم يتكلم عليها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، فنمسك عنها.
وكرامات الأولياء حق، ولا تختص بغير نحو ولد بلا والد خلافًا للقشيري، ولا نُكفِّر أحدًا من أهل القبلة على المختار، ونرى أن عذاب القبر وسؤال الملكين والمعاد الجسماني، وهو إيجاد بعد فناء، أو جمع بعد تفرّق، والحق: التوقف.
والحشر والصراط والميزان حق، والجنة والنار مخلوقتان الآن، ويجب على الناس نصْبُ إمام، ولو مفضولاً، ولا نُجوِّز الخروج عليه.
ولا يجب على الله شيء.
ونرى أن خير البشر بعد الأنبياء صلى الله عليه وسلم أبوبكر فعمر فعثمان فعلي رضي الله عنهم، وبراءة عائشة، ونُمْسِك عمَّا جرى بين الصحابة، ونراهم مأجورين، وأن أئمة المسلمين كالسُّفْيَانَيْنِ على هدى من ربهم، وأن الأشعري إمام في السنة مقدّم، وأن طريق الجنيد طريق مقوّم.
ومما لا يضر جهله وتنفع معرفته:
الأصح: أن وجود الشيء عينه، فالمعدوم ليس بشيء، ولا ذات ولا ثابت، وأنه كذلك على المرجوح، وأن الاسم المسمى، وأن أسماء الله توقيفية، وأن للمرء أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله، لا شكّا في الحال.
وأنَّ تَمْتيع الكافر استدراج، وأن المشار إليه بـ ‘أنا’ الهيكل المخصوص، وأن الجوهر الفرد – وهو الجزء الذي لا يتجزأ – ثابت، وأنه لا حال، أي لا واسطة بين الموجود والمعدوم، وأن النسب والإضافات أمور اعتبارية، وأن العرض لا يقوم بعرض، ولا يبقى زمانين ولا يحل محلين، وأن المثلين لا يجتمعان كالضدّين، بخلاف الخلافين، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان.
وأنَّ أحَدَ طَرْفَيِ الممكن ليس أولى به، وأن الباقي محتاج إلى مؤثر، سواء قُلْنَا: إن علة احتياج الأثر إلى المؤثر الإمكان أو الحدوث، أو هما جزآ عِلَّةٍ، أو الامكان بشرط الحدوث، أقوال.
وأن المكان بعد مفروض ينفذ فيه بعد الجسم، وهو الخلاء، والخلاء جائز عندنا، والمراد به كون الجسمين لا يتماسان، ولا بينهما ما يماسهما. وأن الزمان مقارنةُ متجدِّدٍ موهومٍ لمتجددٍ معلومٍ.
ويمتنع تداخُلُ الجواهر، وخلو الجوهر عن كل الأعراض، والجسم غير مركب منها، وأبعاده متناهية، والمعلول يعقب علته رتبة، والأصح أنه يقارنها زمانًا، وأن اللذة ارتياح عند إدراك، فالإدراك ملزومها، ويقابلها الألم.
وما تصوّره العقل إما واجب أو ممتنع أو ممكن .




[خاتمة]
أول الواجبات المعرفة في الأصح، ومَنْ عَرَفَ رَبَّه؛ تَصَوَّرَ تَبْعيدَه وتقْرِيبَه، فخاف ورجا فأصغى إلى الأمر والنهْي، فارتكب واجتنب، فأحبه مولاه، فكان سَمْعَهُ وبَصَرَهُ ويَدَهُ، واتَّخَذَه وَلِيًّا، إن سأله أعطاه، وإن استعاذ به أعاذه.
وعَلِىُّ الْهِمَّةِ يَرفع نفسه عن سفساف الأمور إلى معاليها، ودَنِيْءُ الْهِمَّةِ لا يبالي، فيجهل ويمرق من الدين، فدونك صلاحًا أو فسادًا أو سعادةً أو شقاوةً.
وإذا خطر لك شيء؛ فزِنْهُ بالشرع: فإن كان مأمورًا؛ فبادِرْ، فإنه من الرحمن، فإن خفت وقوعه على صفة منهية بلا قصد لها؛ فلا عليك. واحتياجُ استغفارِنَا إلى استغفارٍ لا يوجب تركه، فاعمل؛ وإن خفت العجب مستغفِرًا منه.
وإن كان مَنْهِيًّا: فإياك؛ فإنه من الشيطان، فإن ملت؛ فاستغفر.
وحديث النفس والهم ما لم تتكلم أو تعمل به مغفوران، وإن لم تطعك الأمارة؛ فجَاهِدْها، فإن فَعَلْتَ؛ فاقْلع، فإن لم تقلع لاستلذاذ أو كسل؛ فاذكر الموت وفجأته، أو لقنوط، فخَفْ مقْتَ ربِّك، واذكر سعة رحمته.
واعرض التوبة، وهي الندم، وتتحقق بالإقلاع وعزمُ أن لا يعود وتدارُكُ ما يمكن تداركه. والأصح: صحتها عن ذنب، ولو نقضت أو مع الإصرار على كبير، ووجوبها عن صغير.
وإن شككْتَ في الخاطر أمأمور أم منهي؛ فأمسك، ففي متوضئٍ يشك أن ما يغسله ثالثة أو رابعة؛ قيل لا يغسل.
وكل واقع بقدرة الله وإرادته، فهو خالِقُ كسبِ العبد، قدّر له قدرةً تصلح للكسب، لا للإيجاد، فالله خالق لا مكتسب، والعبد بعكسه. والأصح: أن قدرته مع الفعل، فهي لا تصلح للضدين، وأن العجز صفة وجودية تقابل القدرة تقابل الضدين، وأن التفضيل بين التوكل والاكتساب يختلف بإختلاف الناس، فإرادة التجريد مع داعية الأسباب شهوة خفية، وسلوك الأسباب مع داعية التجريد انحطاط عن الرتبة العلية، وقد يأتي الشيطان بإطراح جانب الله تعالى في صورة الأسباب أو بالكسل في صورة التوكل، والموفق يبحث عنهما، ويعلم أنه لا يكون إلا ما يريد.
وقد تم الكتاب بحمد الله وعونه، جعلنا الله به مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.


[1] قوله: (ولو كراهة تنْزيه في الأصح) أي ولو قلنا إن كراهتها فيها كراهة تنزيه في الأصح. (غاية الوصول)
[2] لما توقَّف الاستدلال بالقرآن لكونه عربيًّ على معرفة أقسام اللغة؛ أخذ في بيانها، وهي تنقسم باعتبارات: فباعتبار المراد مِن اللفظ إلى منطوق ومفهوم، وباعتبار دلالة اللفظ على الطلب بالذات إلى أمر ونهي، وباعتبار عوارضه، وهي إما متعلِّقاته إلى عام وخاص، أو النسبة بين ذاته ومتعلِّقاته إلى مجمل ومبيَّن، أو بقاء دلالته أو رفْعها إلى ناسخ ومنسوخ، وقد ذُكِرَتْ على هذا الترتيب. (شرح الكوكب الساطع)
[3] اعلم أن النص يقال لِمَا لا يحتمل تأويلاً كما هنا، ولِما يحتمله احتمالاً مرجوحًا، وهو بمعنى الظاهر، ولِمَا دلّ على معنى كيف كان، ولدليل من كتاب أو سنة كما سيأتي في القياس. (غاية الوصول)
[4] كأنْ خَرَجَ المذكور للغالب في الأصح، كما في قوله تعالى {وربائبكم اللاتي في حجوركم} إذ الغالب كون الربائب في حجور الأزواج، أي تربيتهم، أو لخوف تهمة من ذكر المسكوت، كقول قريب عهد بالإسلام لعبده بحضور المسلمين: تصدق بهذا على المسلمين، ويريد وغيرهم، وتَرَكَه خوْفًا من تهمته بالنفاق، أو لموافقة الواقع) كما في قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} نزل في قوم من المؤمنين والوا اليهود دون المؤمنين، أو لجواب سؤال عن المذكور، أو لـبيان حكم حادثة تتعلق به، أو لجهل بخكمه دون حكم المسكوت، أو عكسه، أي أو لجهل بحكم المسكوت دون حكم المنطوق، وذلك كما لو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم: هل في النعم السائمة زكاة؟ أو قيل بحضرته: "لفلان غنم سائمة" أو خاطَبَ مَنْ جهل حكم الغنم السائمة دون المعلوفة، أو كان هو عالِمًا بحكم السائمة دون المعلوفة، فقال: «في الغنم السمائمة زكاة» (غاية الوصول بحذف يسير)
قوله: {مِن دُونِ المؤمنين} حال من الفاعل، أي متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين استقلالاً أو اشتراكاً، ولا مفهوم لهذا الظرف؛ إما لأنه ورد في قوم بأعيانهم والوا الكفار دون المؤمنين، فهو لبيان الواقع، أو لأن ذكره للاشارة إلى أن الحقيق بالموالاة هم المؤمنون، وفي موالاتهم مندوحة عن موالاة الكفار. (روح المعاني)
[5] ولا يمنع ما يقتضي تخصيص المذكور بالذكر قياسَ المسكوت بالمنطوق، بأن كان بينهما علة جامعة لعدم معارضته له، فلا يعمه أي المسكوت المشتمل عى العلة المعروض للمذكور من صفة أو غيرها لوجود العارض، وإنما يلحق به قياسا. وقيل يعمه؛ إذ عارضه بالنسبة إلى المسكوت كأنه لم يذكر فيمتنع القياس. (غاية الوصول)
قوله (ولا يمنع قياس المسكوت) والمعنى أن وجود ما يقتضي التخصيص بالذكر من الأمور السابقة؛ ككونه جوابًا لسؤال أو بيانًا لحادثة إلخ يمنع تحقق المفهوم، ولا يمنع إلحاق المسكوت المنطوق بطريق القياس عند وجود شرطه. (العطار)
[6] قوله: (غيره) أي غير المتضح المعنى.
[7] قوله: (بشكل) إلخ (بشكل) كالفرس لصورته المنقوشة، (وصفة ظاهرة) كالأسد للرجل الشجاع دون الأبخر، لظهور الشجاعة دون البخر للأسد المفترس، (واعتبار ما يكون) في المستقبل (قطعا) نحو {إنك ميت وإنهم ميتون} (أو ظنا) كالخمر للعصير، بخلاف ما يكون احتمالاً مرجوحًا أو مساويًا كالحرّ للعبد لا يجوز أما باعتبار ما كان كالعبد لمن عتق فتقدم في الاشتقاق. (ومضادة) كالمفازة للبرّية المهلكة، (ومجاورة) كالراوية لظرف الماء المعروف، تسميةً له باسم ما يحمله من جمل أو نحوه، (وزيادة) قالوا: نحو {ليس كمثله شيء} فالكاف زائدة، وإلا فهي بمعنى مثل، فيكون له تعالى مثل، وهو محال، والقصد بهذا الكلام نفيه، والتحقيق أنها ليست زائدة كما بينته في الحاشية، (ونقص) نحو {واسأل القرية} أي أهلها، فقد تجوّز أي توسع بزيادة كلمة أو نقصها، وإن لم يصدق على ذلك حد المجاز السابق، وقيل: يصدق عليه حيث استعمل مثل المثل في المثل، والقرية في أهلها، وقيد المطرزي كون كل من الزيادة والنقص مجازا بما إذا تغير به حكم وإلا فلا يكون مجازا، فلو قلت زيد منطلق وعمرو لم يكن حذف الخبر مجازا لأن حكم الباقي لم يتغير، وفي تسميته كلاً من الزيادة والنقص مجازا تجوّز لأنه ليس مجازا بل علاقة له. (وسبب لمسبب) نحو للأمير يد، أي قدرة، فهي بمعنى أثرها مسببة عن اليد لحصولها بها. (وكل لبعض) نحو {يجعلون أصابعهم في آذانهم} أي أناملهم، (ومتعلق) بكسر اللام (لمتعلق) بفتحها نحو هذا خلق الله، أي مخلوقه، وهذه تسمى علاقة التعلق. (غاية)
[8] قوله: (والعكوس) للثلاثة الأخيرة، أي مسبب لسببه كالموت للمرض الشديد، لأنه سبب له عادة وبعض لكل، نحو فلان ملك ألف رأس غنم، ومتعلق بفتح اللام لمتعلق بكسرها نحو {أيكم المفتون} أي الفتنة. (غاية)
[9] قوله: (وما بالفعل على ما بالقوّة) كالمسكر للخمر في الدنّ. (أيضًا)
[10] قوله: (المخاطب) بكسر الطاء: الشارع أو أهل العرف أو اللغة. (غاية)
[11] قول: (غالبًا) أي وقد لا تضمن معنى الشرط، نحو آتيك إذا احمرّ البسر، أي وقت احمراره. (غاية)
[12] قوله: (فسماعه) بقراءة غيره على الشيخ، ويسمى هذا والذي قبله بالعرض. (غاية)
[13] قوله: (فإجازة) أي بلا مناولة ولا مكاتبة. (غاية)
[14] قوله: (من صناعة المحدثين) فلتطلب منهم، ومنها على ترتيب ما مر: (أملى عليّ) (حدثني) (قرأت عليه) (قرىء عليه، وأنا أسمع) (أخبرني إجازة ومناولة أو مكاتبة) (أخبرني إجازة) (أنبأني مناولة أو مكاتبة) (أخبرني إعلامًا) (أوصى إليّ) (وجدت بخطه) (غاية)
[15] قوله: (أن لا يعدل عن سنن القياس) فما عدل عن سننه، أي خرج عن طريقه، لا يقاس على محله لتعذر التعدية حينئذ، كشهادة خزيمة بن ثابت وحده، فلا يقاس به غيره، وإن فاقه رتبة كالصديق رضي الله عنه. (غاية) والعدول عن ذلك: إما بأن لا يعقل المعنى في الحكم ،كأعداد الركعات ومقادير الحدود، أو بأن يعقل المعنى، لكن لم يتعد إلى محل آخر، كرخص السفر، لمَّا امتنع تعليلها بما يتعدى، وهو مطلق المشقة، لعدم انضباط مرتبة منها تعتبر مناطا للحكم؛ تعينت مشقة السفر، وهي غير منضبطة أيضًا، فاعتبرت مظنتها، وهي السفر لانضباطه مناطا للحكم، فامتنعت التعدية. (العطار)
[16] قوله: (بمقتضي نقيض الحكم أو ضده) وصورة المعارضة في الفرع أن يقول المعترض للمستدل: ما ذكرت من الوصف، وإن اقتضى ثبوت الحكم في الفرع؛ فعندي وصف آخر يقتضي نقيضه أو ضده، فالنقيض نحو: المسح ركن في الوضوء، فيسن تثليثه كالوجه، فيقول المعارض: مسح في الوضوء، فلا يسنّ تثليثه كمسح الخف. والضد نحو: الوتر واظب عليه النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فجب كالتشهد، فيقول المعارض: مؤقت بوقت صلاة من الخمس، فيسن كالفجر.
وخرج بالمقتضى لنقيض الحكم أو ضده المعارضةُ بالمقتضى لخلاف الحكم، فلا يقدح لعدم منافاتها لدليل المستدل، كما يقال: اليمين الغموس قول يأثم قائله، فلا يوجب الكفارة كشهادة الزور، فيقول المعارض: قول مؤكد للباطل يظن به حقيقته، فيوجب التعزير كشهادة الزور. (غاية)
[17] قوله: (ودفعها بالترجيح) أي والمختار في دفع المعارضة المذكورة زيادةً على دفعها بكل ما يعترض به على المستدل ابتداءً: دفعها بالترجيح لوصف المستدل على وصف المعارض بمرجح مما يأتي في محله لتعين العمل بالراجح. (غاية)
[18] قوله: (وصفًا حقيقيًّا) وهو ما يتعقل في نفسه من غير توقف على عرف أو غيره. (غاية)
[19] قوله: (يثبت) لجواز القصر بالسفر لمن ركب سفينة قطعت به مسافة القصر في لحظة بلا مشقة. (غاية)
[20] قوله: بالقاصرة، أي بالعلة القاصرة، وهي التي لا تتعدى محل النص لكونه ..... (غاية)
[21] قوله: (ومن فوائدها)أي فليست الفائدة منحصرة في التعدية، وهو إشارة إلى الجواب عن احتجاج المانعين للتعليل بها بعدم فائدتها. (العطار)
[22] قوله: (عليه) أي على النص أو الإجماع. (غاية)
[23] قوله: (هنا) أي بخلافه فيما مر حيث وصف بالمنافي. (غاية)
[24] قوله (فائدة الإلغاء) وهي سلامة وصف المستدل عن القدح فيه.
[25] قوله: (الراوي) معطوف على (الشارع) و (غيره) معطوف على (الفقيه)
[26] قوله: (ثم المناسب) من حيث اعتباره وجودًا وعدمًا أربعة أقسام: (1) مؤثر، (2) وملائم، (3) وغريب، (4) ومرسل؛ لأنه (إن اعتبر عينه في عين الحكم بنص أو إجماع؛ فالمؤثر) لظهور تأثيره بما اعتبر به، والمراد بالعين: النوع لا الشخص منه، فالاعتبار بالنص كتعليل نقض الوضوء بمس الذكر، فإنه مستفاد من خبر الترمذي وغيره «من مس ذكره فليتوضأ». والاعتبار بالاجماع كتعليل ولاية المال على الصغير بالصغر فإنه مجمع عليه.
(أو) اعتبر عينه في عين الحكم (بترتيب الحكم على وقفه) حيث ثبت الحكم معه، بأن أورده الشرع على وقفه، لا بأَنْ نَصَّ على العلة أو أومىء إليها، وإلا لم تكن العلة مستفادة من المناسبة: (فإن اعتبر) بنص أو إجماع (العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس) – وكل منهما أعلى مما بعده – ؛ (فالملائم) لملائمته للحكم.
(وإلا) أي وإن لم يعتبر بما ذكر شيء من ذلك؛ (فالغريب) وهذا من زيادتي تبعا لابن الحاجب، ومثل له بتعليل توريث المبتوتة في مرض الموت بالفعل المحرم لغرض فاسد، وهو الطلاق البائن لغرض عدم الإرث قياسًا على قاتل مورثه حيث لم يرثه بجامع ارتكاب فعل محرم، وفي ترتيب الحكم عليه تحصيل مصلحة، وهو نَهْيُهما عن الفعل الحرام، لكن لم يشهد له أصل بالاعتبار بنص أو إجماع.
و (مثال الأول) من أقسام الملائم تعليل ولاية النكاح بالصغر حيث تثبت معه، وإن اختلف في أنها له أو للبكارة أو لهما، وقد اعتبر في جنس الولاية حيث اعتبر في ولاية المال بالإجماع كما مر، و (مثال الثاني) تعليل جواز الجمع حالة المطر في الحضر بالحرج حيث اعتبر معه، وقد اعتبر جنسه في جوازه في السفر بالنص؛ إذ الحرج جامع لحرج السفر والمطر، و (مثال الثالث) تعليل القود في القتل بمثقل بالقتل العمد العدوان حيث ثبت معه، وقد اعتبر جنسه في جنس القود حيث اعتبر في القتل بمحدد بالإجماع؛ إذ القتل العمد العدوان جامع للقتل بمثقل وبمحدد، والقود جامع للقود بالمثقل وبالمحدد.
(وإن لم يعتبر) أي المناسب: (فإن دل دليل على إلغائه) ؛ فهو ملغى، (فلا يعلل به) قطعًا كما في جماع ملِك نهار رمضان، فإن حاله يناسب التكفير ابتداء بالصوم ليرتدع به دون الإعتاق، إذ يسهل عليه بذل المال في شهوة الفرج، وقد أفتى يحيى بن يحيى بن كثير الليثي المغربي المالكي ملِكا بالمغرب جامع في نهار رمضان بصوم شهرين متتابعين نظرًا إلى ذلك، لكن الشارع ألغاه بإيجابه الإعتاق ابتداء من غير تفرقة بين ملك وغيره، وفي الحاشية زيادة على ذلك، ويسمى هذا القسم بالغريب لبعده عن الاعتبار.
(وإلا) أي وإن لم يدل دليل على إلغائه كما لم يدل على اعتباره؛ (فالمرسل) لإرساله، أي إطلاقه عما يدل على اعتباره أو إلغائه، ويعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح وبالمناسب المرسل، (وردّه الأكثر) من العلماء مطلقًا لعدم ما يدل على اعتباره، وقبله الإمام مالك مطلقًا رعاية للمصلحة، حتى جوّز ضرب المتهم بالسرقة ليقرّ، وعورض بأنه قد يكون بريئًا، وترك الضرب لمذنب أهون من ضرب بريء، وردّه قوم في العبادات؛ إذ لا نظر فيها للمصلحة، بخلاف غيرها كالبيع والنكاح والحد، ومحل الخلاف المذكور إذا علم اعتبار العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس، وإلا فهو مردود قطعًا كما ذكره العضد تبعا لابن الحاجب. (غاية الوصول)
[27] قوله: (وليس منه) أي من المناسب الرسل. (غاية)
[28] قوله:  (على مرجوح) وهو منع تعدد العلل. (غاية)
[29] قوله: (عليه) أي دليل عليه، فهو خير لـ (أَنَّ)
[30] قوله: (وهو تسليم) وورد ذلك على ثلاثة أنواع: (أحدها) أن يستنتج المستدل من دليله ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازم له، ولا يكون كذلك. (والثاني) أن يستنتج منه إبطال أمرٌ يتوهم أنه مأخذ مذهب الخصم، والخصم يمنع أنه مأخذه. (والثالث) أن يسكت عن مقدمة صغرى غير مشهورة. (غاية)
[31] قوله: (وربما سكت المستدل) كما يقال في اشتراط النية في الوضوء والغسل: ‘ما هو قربة يشترط فيه النية، كالصلاة’ ويسكت عن الصغرى وهي: ‘الوضوء والغسل قربة،، فيقول المعترض: مسلم أن ما هو قربة يشترط فيه النية، لكن لا يلزم اشتراطها في الوضوء والغسل، فإن صرح المستدل بأنهما قربة، ورد عليه منع ذلك. (غاية)
[32] قوله (القدح) إلى آخره، بأن ينفي كلاً من الأربعة، بأن يبدي في أوّلها مفسدة راجحة أو مساوية لما مر من أنها تنخرم بذلك، ويبين في ثانيها عدم الصلاحية للافضاء، وفي ثالثها عدم الانضباط، وفي رابعها عدم الظهور. (غاية)
[33] قوله (لا يكون الدليل صالحًا) كأن يكون صالِحًا لضد ذلك الحكم أو نقيضه. (غاية)
[34] قوله: (منْع حكم الأصل) أي ومِن المنع المطلق: (منع حكم الأصل)
[35] قوله: (وقد يقال) من طرف المعترض في الاتيان بمنوع مترتبة: (لا نسلم .....
[36] قوله: (ولا يكلف) أي المعترض بالإجمال (بيان تساوي المحامل) المحقق للإجمال. (غاية)
[37] قوله: (عدمهما) أي الغرابة والإجمال. (غاية)
[38] قوله: (وقياس العلة) أي (و) ينقسم القياس باعتبار علته ثلاثة أقسام: (قياس العلة) وهو (ما صرح فيه .... (غاية)
[39] قوله: (فقد شرع) بالتخفيف، وقيل: بالتشديد، أي وضع شرعًا من قبل نفسه، وليس له ذلك؛ لأنه كفر أو كبيرة. (غاية)
[40] قوله: (المصيب) مبتدأ، وقوله (واحد) خبر، وجملة (فيها قاطع) نعت لـ (القطعيات)
[41] قوله: (أو لم يجز) أي قلده و(لم يجز) لمقلد إمام تقليد غيره، وسيأتي بيان ذلك. (غاية)
[42] قوله: (أو عالم) أي على لسان نبي. (غاية)
[43] قوله: أو لعامي، معطوف على قوله ‘لمجتهد’ أي إذا تكرَّرت واقعة لعامي .....
[44] قوله: (أو لا يشبه) بفتح الباء المشدّدة، أي به ولا بغيره، أي لا يكون بينه وبين غير شبه. (غاية)


alhilmiah.blogspot.com/lubbul_usul

1 ulasan:

  1. malangnya bab takhsis tiada tertulis dalam naskhah ini

    BalasPadam